للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فلا يحْصُلُ مِن إخْراجِ غيرِ الواجِب مِن الحِكْمَةِ ما يَحْصُلُ مِن إخْراجِ الواجِبِ، وههُنا المَقْصُودُ حاصِلٌ، فوَجَبَ إجْزاؤُه، إذ لا فَائِدَةَ فِى اخْتِصاصِ الإِجْزاءِ بعَيْنٍ مِع (١) مُساواةِ غيرِها لها في الحِكْمَةِ، ولأنَّ ذلك أوفقُ بالمُعْطِى والآخِذِ وأرْفقُ بهما، فإنَّه لو تَعَيَّنَ إخْراجُ زكاةِ الدَّنانِيرِ منها، شَقَّ على مَن يَمْلِكُ [أقَلَّ مِن] (٢) أرْبَعِينَ دِينارًا إخْراجُ جُزْءٍ مِن دِينارٍ، ويَحْتاجُ إلى التَّشْقيصِ ومُشارَكَةِ الفَقِيرِ له في دِينارٍ مِن مالهِ، أو بَيْعِ أحَدِهما نَصيبَه، ولأنَّه إذا دَفَع إلى الفَقِيرِ قِطْعَةً مِن الذَّهَبِ في مَوْضِعٍ لا يُتَعامَلُ بها فيه، أو قِطْعَةً (٣) في مَكانٍ لا يَتَعامَلُون به فيه، لا يَقدِرُ على قَضاءِ حاجَتِه بها، وإن أراد بَيْعَها احْتاجَ إلى كُلْفَةِ البَيْعِ، والظَّاهِرُ أنَّها تَنْقُصُ عِوَضُها عن قِيمَتِها، فقد دار بينَ ضَرَرَيْنِ، وفى جَوازِ إخْراجِ أحَدِهما عن الآخَرِ دَفْعٌ لهذا الضَّرَرِ وتحْصِيلٌ لِحكْمَةِ الزكاةِ على الكَمالِ، فلا وَجْهَ لِمَنْعِه، وإن تُوُهِّمَتْ ههُنا مَنْفَعَةٌ تَفُوتُ بذلك، فهى يَسِيرَةٌ مَغْمُورَةٌ فيما يَحْصُلُ مِن النَّفْعِ الظَّاهِرِ، ويَنْدَفِعُ مِن الضَّرَرِ والمَشَقَّةِ مِن


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م.
(٣) أى من درهم. انظر المغنى ٤/ ٢١٩.