والأمْرُ الثّالثُ، أنَّه يَجُوزُ إخْراجُ أحَدِ الأصْنافِ المَذْكُورَةِ أيُّها شاء، وإن لم يكنْ قُوتًا له. وقال مالكٌ: يُخْرِجُ مِن غالِبِ قُوتِ البَلَدِ. وقال الشافعىُّ: أىُّ قُوتٍ كان أغْلَبَ على الرجلِ أخرَجَ منه. ولَنا، أنَّ خَبَرَ الصَّدَقَةِ وَرَد بحَرْفِ «أوْ» وهى للتَّخْيِيرِ بينَ هذه الأصْنافِ، فوَجَبَ التَّخْيِيرُ فيه، ولأنّه عَدَل إلى مَنْصُوصٍ عليه، فجازَ، كما لو عَدَل إلى الأعْلَى، ولأنَّه خَيَّرَ بينَ الزَّبِيبِ والتَّمْرِ والأقِطِ، ولم يَكُن الزَّبِيبُ والأقِطُ قُوتًا لأهْلِ المَدِينَةِ، فدَلَّ على أنَّه لا يُعْتَبَرُ أن يكونَ قوتًا للمُخْرِجِ.
فصل: ويَجُوزُ إخْراجُ الدَّقِيقِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وكذلك السَّوِيقُ. قال أحمدُ: قد رُوِىَ عن ابنِ سِيرِينَ، دَقِيقٍ أو سَوِيقٍ. وقال مالكٌ، وِالشافعىُّ: لا يَجُوزُ إخْراجُهما؛ لحَدِيثِ ابنِ عُمَرَ، ولأنَّ مَنافِعَه نقَصَتْ، فهو كالخُبْزِ. ولَنا، حَدِيثُ أبى سَعِيدٍ، وفى بَعْضِ ألْفاظِه:«أوْ صَاعًا مِن دَقِيقٍ». رَواه النَّسائِىُّ (١). ثم شَكَّ سُفْيانُ بعدُ، فقال: