للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشّارِبُ، والعَنْفَقَةُ. فأمّا الصُّدْغُ، وهو الذي فوقَ العِذارِ، وهو يُحاذِي رَأْسَ الُأذُنِ، ويَنْزِلُ عن رَأْسِها قليلًا، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، هو مِن الوَجْهِ. اخْتاره ابنُ عَقِيلٍ؛ لحُصُولِ المُواجَهَةِ به واتِّصالِه بالعِذارِ. والثاني، أنَّه مِن الرَّأْسِ، وهو الصحيحُ؛ لأنَّ في حديثِ الرُّبَيِّعِ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَسَح برَأسِه، وصُدْغَيه، وأُذُنَيه، مَرَّةً واحدةً. رَواه أبو داودَ (١). ولم يَنْقُلْ أحدٌ أنَّه غَسَلَه مع الوَجْهِ. ولأنَّه شَعَرٌ يَتَّصِلُ بشَعَرِ الرَّأُس، ويَنْبُتُ معه في حَقِّ الصَّغِيرِ، بخِلافِ العِذارِ. فأمّا التَّحْذِيف، وهو الشَّعَرُ الدّاخِلُ في الوَجْهِ ما بينَ انْتِهاءِ العِذارِ والنزعَةِ، فقال ابنُ حامدٍ: هو مِن الوَجْهِ؛ لأنَّه شَعَرٌ بينَ بَياضِ الوَجْهِ، أشْبَه العِذارَ. وقال القاضي: يَحْتَمِلُ أنَّه مِن الرَّأْسِ؛ لأنَّه شَعَرٌ مُتَّصِلٌ به، لم يَخْرُجْ عن حَدِّه، أشْبَهَ الصُّدْغَ. قال شيخُنا: والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنّ مَحَلَّه لوْ لم يَكُنْ عليه شَعَرٌ، كان مِن الوَجْهِ، فكذلك إذا كان عليه شَعَرٌ، كسائِرِ الوَجْهِ (٢). وأمّا النَّزعَتان؛ وهما ما انْحَسَرَ عنه الشَّعَرُ مِن الرّأْسِ مُتَصاعِدًا في جانِبَي الرَّأْسِ، فقال ابنُ عَقِيل: هما مِن الوَجْهِ؛ لقولِ الشّاعرِ (٣):

فلا تَنْكِحي إن فَرَّقَ الله بَينَنا ... أغَمَّ القَفا والوَجْهٍ ليس بأنْزَعا


(١) في: باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٨.
(٢) انظر: المغني ١/ ١٦٣.
(٣) هو هُدْبَة بن خُشْرُم بن كُرز، شاعر فصيح متقدم من بادية الحجاز، يروى للحطيئة، قتل قصاصا، والبيت من قطعة له قبل قتله يخاطب امرأته، وكانت جميلة. انظر خبره في: الأغاني ٢١/ ٢٦٤، وما بعدها، وخزانة الأدب ٩/ ٣٣٤، وعيون الأخبار ٤/ ١٥.