للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقاتَلُوا عليها كما قاتَلُوا أَبا بكرٍ، لم يُوَرَّثُوا، ولم يُصَلَّ عليهم. وهذا حُكْمٌ منه بكُفْرِهم. واخْتارَه بعضُ أصحابِنا. قال عبدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ: وما تارِكُ الزكاةِ (١) بمُسْلِمٍ (٢). ووَجْهُ ذلك ما رُوِى أنَّ أَبا بكرٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، لَمّا قاتَلَهم وعَضَّتْهم الحَرْبُ، قالُوا: نُؤَدِّيها. قال: لا أقْبَلُها حتَّى تَشْهَدُوا أنَّ قَتْلانا في الجَنَّةِ وقَتْلاكم في النَّارِ (٣). ولم يُنْقَلْ إنْكارُ ذلكَ عن أحَدٍ مِن الصحابَةِ، فدَلَّ على كُفْرِهم. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ عُمَرَ وغيرَه امْتَنَعُوا مِن القِتالِ في بَدْءِ الأمْرِ، ولو اعْتَقَدُوا كُفْرَهم لَما تَوَقَّفُوا عنه، ثم اتَّفَقُوا على القِتالِ، وبَقِىَ الكُفْرُ على أصْلِ النَّفْى، ولأنَّ الزكاةَ فَرْعٌ مِن فُرُوعِ الدِّينِ، فلم يَكْفُرْ بتَرْكِه، كالحَجِّ، وإذا لم يَكْفُرْ بتَرْكِه لم يَكْفُرْ بالقِتالِ عليه، كأهلِ البَغْى. وأمّا الذين قال لهم أبو بكرٍ هذا القولَ، فيَحْتَمِلُ أنَّهم جَحَدُوا وُجُوبَها، فإنَّه نُقِل عنهم أنَّهم قالُوا: إنَّما كُنّا نُؤَدِّى إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ صَلَاته سَكَنٌ لَنا, وليس صلاةُ أبى بكرٍ سَكَنًا لَنا، فلا نُؤَدِّى إليه. وهذا يَدُلُّ على أنَّهم جَحَدُوا وُجُوبَ الأداءِ إلى أبى بكرٍ،


(١) في م: «الصلاة».
(٢) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب ما قالوا في منع الزكاة، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١١٤.
(٣) أخرجه أبو عبيد، في: الأموال ١٩٦ - ١٩٨. والبخارى مختصرًا، في: باب الاستخلاف، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى ٩/ ١٠١. وانظر: فتح البارى ١٣/ ٢١٠.