للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

- صلى اللَّه عليه وسلم- قال: «اللهُمَّ أحْيِنِى مِسْكِينًا، وَأمِتْنِى مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِى فِى زُمْرَةِ المَسَاكِينِ» (١). وكان يَسْتَعِيذُ مِن الفَقْرِ، ولا يَجوزُ أن يَسْألَ شِدَّةَ الحاجَةِ، ويَسْتَعِيذَ مِن حالةٍ أصْلَحَ منها، ولأنَّ الفَقِيرَ (٢) مُشْتَقٌّ مِن فِقَرِ الظَّهْرِ، فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُولٍ، أى مَفْقُورٌ، وهو الذى نُزِعَتْ فِقْرَةُ ظَهْرِه فانْقَطَعَ صُلْبُه. قال الشاعِرُ (٣):

لَمّا رَأى لُبَدُ النُّسُورَ تَطايَرَتْ ... رَفَعَ القَوادِمَ كالفَقِيرِ الأعْزَلِ (٤)

أى لم يُطِقِ الطَّيَرانَ، كالذى انْقَطَعَ صُلْبُه. والمِسْكِينُ مِفْعِيلٌ مِن السُّكونِ، وهو الذى أسْكَنَتْه الحاجَةُ، ومَن كُسِرَ صُلْبُه أشَدُّ حالًا مِن السّاكِنِ. فأمّا الآيةُ فهى حُجَّةٌ لَنا؛ لأنَّ نَعْتَ اللَّهِ سبحانه المِسْكِينَ بكَوْنِه ذا مَتْرَبَةٍ، يدُلُّ على أنَّ هذا النَّعْتَ لا يَسْتَحِقُّه بإطْلاقِ اسمِ المَسْكَنَةِ،


(١) أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء أن فقراء المهاجرون يدخلون الجنة قبل أغنيائهم، من أبواب الزهد. عارضة الأحوذى ٩/ ٢١٣. وابن ماجه، في: باب مجالسة الفقراء، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٣٨١.
(٢) في الأصل: «الفق».
(٣) هو لبيد بن ربيعة العامرى. ديوانه ٢٧٤.
(٤) لبد: هو السابع من نسور لقمان بن عاد. معمر جاهلى قديم، زعموا أنه عاش عمر سبعة نسور.