والعَبْدُ القِنُّ لا يُدْفَعُ إليه شئٌ. قال أحمدُ، في رِوايَةِ أبى طالبٍ: قد كُنْتُ أقولُ: يُعْتِقُ مِن زَكاتِه، ولكنْ أهابُه اليومَ؛ لأنَّه يَجُرُّ الوَلاءَ. وفى مَوْضِعٍ آخَرَ، قِيلَ له: فما يُعْجِبُكَ مِن ذلك؟ قال: يُعِينُ في ثَمَنِها، فهو أسْلَمُ. وقد رُوِى نحوُ هذا عن النَّخَعِىِّ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ؛ فإنَّهما قالا: لا يُعْتِقُ مِن الزَّكاةِ رَقَبَةً كامِلَةً، لكنْ يُعْطِى منها في رَقَبَةٍ، وِيُعِينُ مُكاتَبًا. وبه قال أبو حنيفةَ وصاحِباه؛ لأنَّه إذا أعْتَقَ مِن زَكاتِه، انْتَفَعَ بوَلاءِ (١) مَن أعْتَقَه، فكأنَّه صَرَف الزَّكاةَ إلى نَفْسِه. وأخَذَ ابنُ عَقِيلٍ مِن هذه الرِّوايَةِ، أنَّ أحمدَ رَجَع عن القَوْلِ بالإِعْتاقِ مِن الزَّكاةِ. وهذا، واللَّهُ أعلمُ، إنَّما كان على سبيلِ الوَرَعِ مِن أحمدَ، فلا يَقْتَضِى رُجُوعًا؛ لأنَّ العِلَّةَ التى عَلَّل بها جَرُّ الوَلَاءِ، ومَذْهَبُه في إحْدَى الرِّوايَتَيْن عنه أنَّ ما رَجَع مِن الوَلاءِ رُدَّ في مِثْلِه، فلا يَنْتَفِعُ إذًا بإعْتاقِه مِن الزَّكاةِ.
فصل: ولا يجوزُ أن يَشْتَرِىَ مِن زَكاتِه مَن يَعْتِقُ عليه بالرَّحِمِ، فإنْ