ولأنَّ اللَّهَ تعالى جَعَل الفُقراءَ والمَساكِينَ صِنْفَيْنِ، وعَدَّ بعدَهما سِتَّةَ أصْنافٍ لم يَشْتَرِطْ فيهم الفَقْرَ، فيَجُوزُ لهم الأخْذُ مع الغِنَى بظاهِرِ الآيَةِ، ولأنَّ هذا يَأْخُذُ لحاجَتِنا إليه، أشْبَهَ العامِلَ والمُؤَلَّفَ، ولأنَّ الغارِمَ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ إِنَّما يُوثَقُ بضَمانِه، ويُقْبَلُ إذا كان مَلِيئًا، ولا ملاءَةَ مع الفَقْرِ، فإن أدَّى الغُرْمَ مِن مالِه، لم يكنْ له الأخْذُ مِن الزَّكاةِ؛ لأنَّه لم يَبْقَ غارِمًا، وإنِ اسْتَدانَ وأَدَّاها جاز له الأخْذُ؛ لبَقَاءِ الغُرْمِ.
فصل: وخَمْسَةٌ لا يَأخُذُون إلَّا مع الحاجَةِ؛ وهم الفُقَراءُ، والمَساكِينُ، والمُكاتَبُ، والغارِمُ لمَصْلَحَةِ نَفْسِه في مُباحٍ، وابنُ السَّبِيلِ؛ لأنَّهم يأْخُذُون لحاجَتِهم لا لحاجَتِنا إليهم، إلَّا أنَّ ابنَ السَّبِيلِ إنَّما تُعْتَبَر حاجَتُه في مَكانِه وإن كان له مالٌ في بَلَدِه؛ لأنَّه الآن كالمَعْدُومِ.