للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالصَّبْرَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإنْ لَمْ يَثقْ مِنْ نَفْسِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ.

ــ

حُسْنَ التَّوَكُّلِ والصَّبْرَ عن المَسْأَلَةِ، فله ذلك، وإن لم يَثِقْ مِن نَفْسِه بذلك كُرِه له) مَن أراد الصَّدَقَةَ بجميعِ مالِه، وكان وَحْدَه، أو كان لمَن يَمُونُه كفايَتُهم، وكان مُكْتَسِبًا، أو واثِقًا مِن نفسِه بحُسْنِ التَّوَكُّلِ، والصَّبْرِ على الفَقْرِ، والتَّعَفُّفِ عن المَسْألَةِ، فله ذلك، لِما ذَكَرْنا مِن الآيةِ والخَبَرِ في المَسْألَةِ قبلَها، ولِما روَى عُمَرُ، رَضِىَ اللَّه عنه، قال: أمَرَنا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَتَصَدَّقَ، فوافَقَ ذلك مالًا عِنْدِى فقلتُ: اليَوْمَ أسْبِقُ أبا بكرٍ إن سَبَقْتُه يَوْمًا. فجِئْتُ بنِصْفِ مالِى، فقال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «مَا أبْقَيْتَ لأهْلِكَ؟». قلتُ: أبْقَيْتُ لهم مِثْلَه. فأتَى أبو بكرٍ بكلِّ ما عِنْدَه، فقال له: «مَا أبْقَيْتَ لأهْلِكَ؟». قال: أبْقَيْت لهم اللَّهَ ورسولَه. فقلتُ: لا أُسابِقُكَ إلى شئٍ أبدًا (١). فكان هذا فَضِيلَةً في حَقِّ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لقُوَّةِ يَقِيِنه، وكَمال إيمانِه، وكان تاجِرًا ذا مَكْسَبٍ، فإنَّه قال حينَ وَلِىَ: قد عَلِم النَّاسُ أنَّ مَكْسَبِى لم يَكُنْ ليَعْجِزَ عن مُؤْنَةِ عِيالِى. وإن لم يُوجَدْ في المُتَصَدِّقِ أحَدُ هذَيْن، كُرِهَ له؛ لِما روَى


(١) أخرجه أبو داود، في: باب الرخصة في ذلك [أى في الرجل يخرج عن ماله]، عن كتاب الزكاة. سنن أبى داود ١/ ٣٩٠. والترمذى، في: باب في مناقب أبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ١٨٣، ١٣٩. والدارمى، في: باب الرجل يتصدق بجميع ما عهده، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى ١/ ٣٩١، ٣٩٢.