وروَى ابنُ عُمَرَ، قال: تَراءَى النّاسُ الهِلالَ، فَأخْبَرْتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنِّى رَأيْتُه. فصام، وأمَرَ النّاسَ بصِيامِه. رَواه أبو داودَ (١). ولأنَّه خبَرٌ عن وَقْتِ الفَرِيضَةِ فيما طَرِيقُه المُشاهَدَةُ، فقُبِلَ فيه قولُ واحِدٍ، كالخَبَرِ بدُخُولِ وَقْتِ الصَّلاةِ، ولأنَّه خَبَرٌ دِينىٌّ يَشْتَرِكُ فيه المُخْبِرُ والمُخْبَرُ، فقُبِلَ مِنِ عَدْلٍ واحِدٍ كالرِّوايَةِ. وخبَرُهم إنَّما يَدُلُّ بمَفْهُومِه، وخبَرُنا يَدُلُّ بمَنطُوقِه، وهو أشْهَرُ منه، فيَجِبُ تَقْدِيمُه، ويُفارِقُ الخَبَرَ عن هِلالِ شَوّالٍ، فإنَّه خُرُوجٌ مِن العِبادَةِ، وهذا دُخُولٌ فيها، ويُتَّهَمُ في هِلالِ شَوّالٍ، بخِلافِ مَسْألَتِنا. وما ذَكَرَه أبو بكرٍ وأبو حنيفةَ لا يَصِحُّ؛ لأنَّه يَجُوزُ انْفِرادُ الواحِدِ به مع لَطافَةِ المَرْئِىِّ وبُعْدِه، ويَجُوزُ أن تَخْتَلِفَ مَعْرِفَتُهم بالمَطْلَعِ، ومَواضِعُ قَصْدِهم، وحِدَّةُ نَظرِهم، ولهذا لو حَكَم حاكِمٌ بشَهادَةِ واحِدٍ، جاز، ولو شَهِدَ شاهِدان، وَجَب قَبُولُ شهادَتِهما عندَ أبى بكرٍ، ولو كان مُمْتَنِعًا على ما قالُوه لم يَصِحَّ فيه حُكْمُ حاكِمٍ،
(١) في: باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٤٧. كما أخرجه الدارمى، في: باب الشهادة على رؤية هلال رمضان، من كتاب الصيام. سنن الدارمى ٢/ ٤.