فصل: فإن كان المُخْبِرُ امرأةً فقِياسُ المَذْهَبِ قَبُولُ قَوْلِها. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ الوَجْهَيْن لأصحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّه خبَرٌ دِينِىٌّ، أشْبَهَ الرِّوايَةَ، والخَبَرَ عن القِبْلَةِ، ودُخُولِ وَقْتِ الصَّلاةِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْبَلَ فيه قولُ امرأةٍ، كهِلالِ شَوّالٍ.
فصل: فأمّا هِلالُ شَوّالٍ وغيرِه مِن الشُّهُورِ فلا يُقْبَلُ فيه إلَّا شَهادَةُ عَدْلَيْن في قولِ الجَمِيعِ، إلَّا أبا ثَوْرٍ، فإنَّه قال: يُقْبَلُ في هِلالِ شَوّالٍ قولُ واحِدٍ؛ لأنَّه أحَدُ طَرَفىْ شَهْرِ رمضانَ، أشْبَهَ الأوَّلَ، ولأنَّه خَبَرٌ يَسْتَوِى فيه المُخْبَرُ، أشْبَهَ الرِّوايَةَ وأخْبارَ الدِّياناتِ. ولَنا، خَبَرُ عبدِ الرحمنِ بنِ زيدِ بنِ الخَطّاب. وعن ابنِ عُمَرَ، عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه أجاز شَهادَةَ رجل واحِدٍ على رُويَةِ الهِلالِ، وكان لا يُجِيزُ على شَهادَةِ الإِفْطارِ إلَّا شَهادَةَ رَجُلَيْن (١). ولأنَّها شَهادَةٌ على هِلالٍ لا يُدْخَلُ بها في العِبادَةِ، أشْبَهَ سائِرَ الشُّهُورِ، وهذا يُفارِقُ الخَبَر؛ لأنَّ الخَبَرَ يُقْبَلُ فيه قولُ المُخْبِرِ مع وُجُودِ المُخْبَرِ عنه، وفُلانٌ عن فُلانٍ، وهذا لا يُقْبَلُ فيه ذلك، فافْتَرَقا.
(١) أخرجه الدارقطنى في: أول كتاب الصيام. سنن الدارقطنى ٢/ ١٥٦. والبيهقى، في: باب الشهادة على رؤية هلال رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٢١٢.