للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن يُفْطِرا ويُطْعِما لكلِّ يومٍ مِسْكِينًا. وهذا قولُ علىٍّ، وابنِ عباسٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، وأنَسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال سعيدُ بنُ جُبيْرٍ، وطاوُسٌ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ. وقال مالكٌ: لا يَجِبُ عليه شئٌ؛ لأنَّه تَرَك الصومَ لعَجْزِه، فلم يَجِبْ فِدْيَةٌ, كما لو تَرَكَه لمَرَضٍ اتَّصَلَ به المَوْتُ. وللشافعىِّ قَوْلان كالمَذْهَبَيْن. ولَنا، الآيَةُ. قال ابنُ عباسٍ في تَفْسِيرِها: نَزَلَتْ رُخْصَةً للشَّيْخِ الكَبِيرِ (١). ولأَنَّ الأداءَ صومٌ واجِبٌ، فجاز أن يَسْقُطَ إلى الكَفّارَةِ، كالقَضاءِ. وأمّا المَرِيضُ، فإن كان لا يُرْجَى بُرْؤُه فهو كمَسْألَتِنا، وإن كان يُرْجَى بُرْؤُه فإنَّما لم يَجِبْ عليه الإِطْعامُ؛ لأنَّ ذلك يُؤَدِّى إلى أن يَجِبَ على المَيِّتِ ابْتِداءً، بخِلافِ مَسْألَتِنا، فإنَّ وُجُوبَ الإِطْعامِ يَسْتَنِدُ إلى حالِ الحَياةِ، والشَّيخُ الهِمُّ (٢) له ذِمَّة صَحِيحَةٌ، فإن كان عاجِزًا عن الإِطْعامِ، فلا شئَ عليه، ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها. والمَرِيضُ الذى لا يُرْجَى بُرْؤُه، حُكْمُه حُكْمُ الشَّيْخِ فيما ذَكَرْنا. وذَكَر السّامَرِّىّ أنَّها تَبْقَى في ذِمَّتِه، ولا تَسْقُطُ، كسائِرِ الدُّيُونِ. وكذلك قال فيما يَجِبُ على الحَامِلِ والمُرْضِعِ، إذا أفْطرَتَا خَوْفًا على وَلَدَيْهما، أنَّه لا يَسْقُطُ الإِطْعامُ عنهما بالعَجْزِ عنه، لأنَّه في مَعْناه.


(١) أخرجه أبو داود، في: باب من قال هى مثبتة للشيخ والحبلى، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٤١.
(٢) الهِمُّ، بكسر الهاء: الكبير الفانى.