هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ. وهو ظاهِرُ قولِ ابنِ مسعودٍ. ويُرْوَى عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ. واخْتارَ القاضي، في «المُجَرَّدِ» أنَّه لا تُجْزِئُه النِّيَّةُ بعدَ الزَّوالِ. وهو مَذْهَبُ أبى حنيفةَ، والمَشْهُورُ مِن قَوْلَى الشافعىَّ؛ لأنَّ مُعْظَمَ النَّهارِ مَضَىَ بغيرِ نِيَّةٍ، بخِلافِ النّاوِى قبلَ الزَّوالِ، فإنَّه قد أدْرَكَ مُعْظَمَ العِبادَةِ، ولهذا تَأْثِيرٌ في الأصُولِ، بدلِيلِ أنَّ مَن أدْرَكَ الإِمامَ في الرُّكُوعِ أدْرَكَ الرَّكْعَةَ؛ لِإدْراكِه مُعْظَمَها، ولو أدْرَكَه بعدَ الرَّفعِ لم يَكُنْ مُدرِكًا لها، وكذلك مَن أدْرَكَ رَكْعَةً مِن الجُمُعَةِ يَكُونُ مُدْرِكًا لها؛ لأنَّها تَزِيدُ بالتَّشَهُّدِ، ولا يُدْرِكُها بدُونِ الرَّكْعَةِ لذلك. ولَنا، أنَّه نَوَى في جُزْءٍ مِن النَّهارِ، أشْبَهَ ما لو نوَى في أوَّلِه، ولأنَّ جَمِيعَ اللَّيْلِ وَقْتٌ لنِيَّةِ الفَرْضِ، فكذلك جَمِيعُ النَّهارِ وَقْتٌ لنِيَّةِ النَّفْلِ، ولأنَّ صومَ النَّفْلِ إنَّما جَوَّزْناه بنِيَّةٍ مِن النَّهارِ طَلبًا لتَكْثِيرِه، وهذا أبْلَغُ في التَّكْثِيرِ.
فصل: وإنَّما يُحْكَمُ له بالصومِ الشَّرْعِىَّ المُثابِ عليه مِن وَقْتِ النِّيَّةِ، في المَنْصُوصِ عن أحمدَ، فإنَّه قال: مَن نوَى في التَّطَوُّعِ مِن النَّهارِ، كُتِب له بَقِيَّة يومِه، وإذا أجْمَعَ مِن اللَّيْل كِان له يومُه. وهذا قولُ بعضِ أصحابِ الشافعىِّ. وقال أبو الخَطّابِ، في «الهِدايَةِ»: يُحْكَمُ بذلك