للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأَنَّه واصِلٌ إلى الجَوْفِ باخْتِيارِه، فأشْبَهَ الأكْلَ، وبهذا كُلِّه قال الشافعىٌّ، إلَّا في الكُحْلِ. وقال مالكٌ: لا يُفْطِرُ بالسَّعُوطِ، إلَّا أن يَنْزِلَ إلى حَلْقِه، ولا يُفْطِرُ إذا داوَى المَأْمُومَةَ والجَائِفَةَ. واخْتُلِفَ عنه في الحُقْنَةِ، واحْتَجَّ بأنَّه لم يَصِلْ إلى الحَلْقِ منه شَئٌ، أشْبَهَ ما لم يَصِلْ إلى الدِّماغِ ولا الجَوْفِ. ولَنا، أنَّه واصِلٌ إلى جَوْفِ الصائِمِ باخْتِيارِه، فيُفْطِرُه، كالواصِلِ إلى الحَلْقِ، ولأنَّ الدِّماغَ جَوْفٌ، والواصِلُ إليه يُغَذِّيه، فيُفْطِرُ، كجَوْفِ البَدَنِ (١).

فصل: فأمّا الكُحْلُ، فإن وَجَد طَعْمَه في حَلْقِه، أو عَلِم وُصُولَه إليه، فَطَّرَه، وإلَّا لم يُفَطِّرْه. نصَّ عليه أحمدُ. وقال ابنُ أبي موسى: إنِ اكْتَحَلَ بما يَجِدُ طَعْمَه، كالذَّرُورِ والصَّبِرِ والقَطُورِ (٢)، أفْطَرَ. وإنِ اكْتَحَلَ باليَسيرِ مِن الِإثْمِدِ غيرِ المُطَيَّبِ، لم يُفْطِرْ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إن كان الكُحْلُ حادًّا، فَطَّرَه، وإلَّا فلا. ونَحْوَ ما ذَكَرْناه قال أصحابُ مالكٍ. وعن ابنِ أبى لَيْلَى، وابنِ شُبْرُمَةَ، أن الكُحْلَ يُفَطِّرُ


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية، بعد أن ذكر تنازع أهل العلم في أمر الكحل والحقنة وما يقطر في الإحليل ومداواة المأمومة والجائفة: والأظهر أنه لا يفطر بشئ من ذلك. واستدل لقوله هذا بكلام طويل، راجعه في الفتاوى ٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٧.
(٢) الذرور: ما يذر في العين وعلى الجرح من دواء يابس. والصبر، بكسر الباء: عصارة شجر مر، واحدته صَبِرَةٌ. والقطور، بفتح القاف: سائل يقطر في العين للعلاج أو الغسل.