الإكْراهُ بوَعِيدٍ حتى فَعَلَتْ، كقَوْلِنا. وإن كان إلْجاءً، أو كانت نائِمَةً لم تُفْطِرْ. وهذا مُقْتَضَى قولِ أحمدَ، في هذه الرِّوايَةِ التي رَواها ابنُ القاسِمِ؛ لأنَّها لم يُوجَدْ منها فِعْلٌ، فلم تُفْطِرْ، كما لو صُبَّ في حَلْقِها ماءٌ بغيرِ اخْتِيارِها. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه جِماعٌ في الفَرْجِ، فأفْسَدَ، كما لو أُكْرِهَت بالوَعِيدِ، ولأنَّه عِبادَةٌ يُفْسِدُها الوَطْءُ ففسَدَت به على كلِّ حالٍ، كالصلاةِ، والحَجِّ.
فصل: فإن جامَعَتِ المرأةُ ناسِيَةً، فقالَ أبو الخَطّابِ: حُكْمُ النِّسْيانِ حُكْمُ الإكْراهِ، يُوجِبُ القَضاءَ دُونَ الكَفّارَةِ، قِياسًا على الرجلِ في أنَّ الجِماعَ يُفْطِرُه معِ النِّسْيانِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَها القَضاءُ؛ لأنَّه مُفْسِدٌ لا يُوجِبُ الكَفّارَةَ، أشْبَهَ الأكْلَ.
فصل: فإن أُكْرِهَ الرجلُ فجامَعَ، فَسَد صَوْمُه على الصَّحِيحِ؛ لأنَّه إذا أفْسَدَ صوم المرأةِ، فالرجلُ أوْلَى. فأمّا الكَفّارَةُ، فقالَ القاضِى: تَجِبُ عليه؛ لأن الإِكْراهَ على الوَطْءِ لا يُمْكِنُ، لأنَّه لا يَطَأُ حتى يَنْتَشِرَ، ولا يَنْتَشِرُ إلَّا عن شَهْوَةٍ، فهو كغيرِ المُكْرَهِ. وقال أبو الخَطّابِ: فيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، لا كفارةَ عليه. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ الكَفّارَةَ إمّا عُقُوبَةٌ، أو ماحِيَةٌ للذَّنْبِ، والمُكْرَهُ غيرُ آثِمٍ، ولا مُذْنِبٍ، ولقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(١). والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، عليه الكَفّارَةُ، لِما ذَكَرْنا. فأمَّا إن كان