المَسْجِدِ أذِن لهُنَّ، ولو لم يَكُنْ مَوْضِعًا لاعْتِكافِهِنَّ، لَمَا أذِن فيه، ولو كان الاعْتِكافُ في غيرِه أفْضَلَ، لنَبَّهَهُنَّ عليه، ولأنَّ الاعْتِكافَ قُرْبَة يُشْتَرَطُ لها المَسْجِدُ في حَقِّ الرَّجُلِ، فيُشْتَرَطُ في حَقِّ المرأةِ، كالطَّوافِ. وحَدِيثُ عائِشَةَ قد بَيَّنّا أنَّهُ حُجَّةٌ لنا، وإنَّما كَرِه اعْتِكافَهُنَّ في تلك الحالِ، حيث كثُرَتْ أبنِيَتُهُنَّ؛ لِما رَأى مِن مُنافَسَتِهِنَّ، فكَرِهَه لَهُنَّ؛ خَشْيَةً عَلَيْهِنَّ مِن فَسادِ نِيَّتهِنَّ، ولذلك قال:«آلْبِرَّ أردْتُنَّ؟» مُنْكِرًا لذلك، أى لم تَفْعَلْنَ ذلك تَبَرُّرًا، ولو كان للمَعْنَى الذى ذَكَرُوه، لأمَرَهُنَّ بالاعْتِكافِ في بُيُوتِهِنَّ، ولم يَأْذَنْ لَهُنَّ في المَسْجِدِ. وأمّا الصلاةُ، فلا يَصِحُّ اعْتِبارُ الاعْتِكافِ بها، فإنَّ صلاةَ النّافِلَةِ للرَّجُلِ في بَيْتِه أفْضَل، ولا يَصِحُّ اعْتِكافُه فيه بالاتِّفاقِ.