للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو قَوْلُ اللَّيْثِ، وزُفَرَ؛ لأَنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أرادَ أن يَعْتَكِفَ صَلّى الصُّبْحَ، ثم دَخَل مُعْتَكَفَه. مُتَّفَقٌ عليه (١). ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. ولا يَلْزَمُ الصَّوْمُ إلَّا مِن قَبْلِ طُلُوعِ الفَجْرِ. ولأنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ في الاعْتِكافِ، فلم يَجِبِ ابْتِداؤُه قبلَ شَرْطِه. ولَنا، أنَّه نَذَر الشَّهْرَ، وأوَّلُه غُروبُ الشَّمْسِ؛ بدَلِيلِ حَلِّ الديونِ المُعَلَّقَةِ به، ووُقُوعِ الطَّلاقِ والعَتاقِ المُعَلَّقَيْن به، فوَجَبَ أن يَدْخُلَ قبلَ الغُرُوبِ، ليَسْتَوْفِىَ جميعَ الشَّهْرِ، فإنَّه لا يُمْكِنُ إلَّا بذلك، وما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلَّا به فهو واجِبٌ، كإمْساكِ جُزْءٍ مِن اللَّيْلِ في الصَّوْمِ. وأمّا الصَّوْمُ فمَحَلُّه النَّهارُ، فلا يَدْخُلُ فيه شَئٌ مِن اللَّيلِ في أثْنائِه، ولا ابْتِدائِه، إلَّا ما حَصَل ضَرُورَةً، بخِلافِ الاعْتِكافِ. وأمّا الحَدِيثُ، فقال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا أعْلَمُ أحَدًا مِن الفُقَهاءِ قال به. على أنَّ الخَبَرَ إنَّما هو في التَّطَوُّعِ، فمتى شاء دَخَل (٢)، وفى مَسْألَتِنا نَذَر شَهْرًا، فَيَلْزَمُه اعْتِكافُ شَهْرٍ كامِلٍ، ولا يَحْصُلُ إلَّا أن يَدْخُلَ فيه قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِن أوَّلِه، ويَخْرُجَ بعدَ غُرُوبِها مِن آخِرِه، فأشْبَهَ ما لو نَذَر اعْتِكافَ يومٍ، فإنَّه، يَلْزَمُه الدُّخُولُ فيه قبلَ طُلُوعِ فَجْرِه، ويخرُجُ بعدَ غُروبِ شَمْسِه. وقولُه:


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٥٦٤، ٥٦٥، من حديث عائشة.
(٢) آخر الجزء الثانى من نسخة مكتبة محمد بن فيصل آل سعود المشار إليها بالرمز «ص».
ومن هنا إلى أول كتاب المناسك لم يتيسر من النسخ الخطية ما يغطيها، ولذلك سنسترشد في تحقيق ما بقى من كتاب الاعتكاف بكتاب «المبدع شرح المقنع» لابن مفلح مع «المغنى» لابن قدامة. والله الموفق.