الآيَةُ، فإنَّ اللهَ تعالى نصَّ على الليلِ في موضعٍ، والنَّهارِ في مَوْضِعٍ، فصارَ مَنْصُوصًا عليهما. فعلى هذا إنْ نَذَر اعْتِكافَ يَوْمَيْن مُتَتابِعَيْن، لَزِمَه يَوْمان ولَيْلَةٌ بينَهما، وإن نَذَر اعْتِكافَ يَوْمَيْن مُطْلَقًا، فكذلك عند القاضى. وكذلك لو نَذَر اعْتِكافَ لَيْلَتَيْن، لَزِمَه اليَوْمُ الذى بَيْنَهُما عند القاضِى. وعند أبى الخَطّابِ لا يَلْزَمُه ما بينَهما، إلَّا بلَفْظٍ، أو بِنِيَّةٍ. ويَتَخَرَّجُ أنَّه إذا نَذَر اعْتِكافَ يَوْمَيْن مُتَتابِعَيْن، أن لا تَلْزَمَه اللَّيْلَةُ التى بينَهما، كاللَّيْلَةِ التى قَبْلَهما، وكذلك إذا نَذَر اعْتِكافَ لَيْلَتَيْن لا يَلْزَمُه اليومُ الذى بينَهما، كاليَوْمِ الذى قَبْلَهما. اخْتارَه الشَّيْخُ أبو حَكِيمٍ.
فصل: وإن نَذَر اعْتِكافَ يَوْمٍ، لَزِمَه أن يَدْخلَ مُعْتَكَفَه قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، ويَخْرُجَ منه بعدَ غُرُوبِ الشَّمسِ. وقال مالِكٌ: يَدْخُلُ مُعْتَكَفَه قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، ويَخْرُجُ منه بعدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِن لَيْلَةِ ذلك اليَوْمِ. كقَوْلِنا في الشَّهْرِ؛ لأنَّ اللَّيْلَ يَتْبَعُ النَّهارَ، بدَلِيلِ ما لو كان مُتَتابِعًا. ولنا، أنَّ اللَّيْلَةَ ليست مِن اليَوْمِ، وهى مِن الشَّهْرِ، قال الخَلِيلُ: اليَوْمُ اسمٌ لما بينَ طُلُوعِ الفَجْرِ وغُرُوبِ الشَّمْسِ. وإنَّما دَخَل الليْلُ في المُتَتابِعِ ضِمْنًا، ولَهذا خَصصْناه بما بينَ الأيّامِ. وإن نَذَر اعْتِكافَ لَيْلَةٍ، لَزِمَه دُخولُ مُعْتَكَفِه قبلَ غُروبِ الشَّمْسِ، ويَخْرُجُ منه بعدَ طُلوعِ الفَجْرِ، وليس له تَفْرِيقُ الاعْتِكافِ. وظاهِرُ كلامِ الشافعىِّ، جَوازُ التَّفْرِيقِ قِياسًا على الشَّهْرِ. ولنا، أنَّ إطْلاقَ اليَوْمِ يُفْهَمُ منه التَّتابُعُ، فلَزِمَه، كما لو قال: مُتَتابِعًا.