وإن أحَبَّ الرُّجُوعَ إلى مُعْتَكَفِه، فله ذلك، كما لو خَرَج إلى غيرِ الجُمُعَةِ. قال بعضُ أصْحابِنا: يُسْتَحَبُّ له الإِسْراعُ إلى مُعتَكَفِه. وقال أبو داودَ: قلتُ لأحمدَ: يَرْكَعُ، يَعْنِى المُعْتَكِفَ، يَوْمَ الجُمُعَة بعدَ الصلاةِ في المَسْجِدِ؟ قال: نعم، بقَدْرِ ما كان يَرْكَعُ. قال شَيْخُنَا (١)، رَحِمَه اللهُ: ويَحْتَمِلُ أن تكونَ الخِيَرَةُ إليه في تَعْجِيلِ الرُّجُوعِ وتَأْخِيرِه؛ لأنَّه في مكانٍ يَصْلُحُ للاعْتِكافِ، فأشْبَهَ ما لو نَوَى الاعْتِكافَ فيه. فأمّا إن خَرَج ابْتِداءً إلى مَسْجِدٍ آخَرَ، أو إلى الجامِعِ مِن غيرِ حاجَةٍ، أو كان المسجدُ أبْعَدَ مِن مَوْضِعِ حاجَتِه فمَضَى إليه، لم يَجُزْ له ذلك؛ لأنَّه خُرُوجٌ لغيرِ حاجَةٍ، أشْبَهَ ما لو خَرَج لغيرِ المَسْجِدِ، فإن كان المَسْجِدانِ مُتَلاصِقيْن، يَخْرُجُ مِن أحَدِهما فيَصِيرُ في الآخَرِ، فله الانْتِقالُ مِن أحَدِهما إلى الآخَرِ؛ لأنَّهما كمسجدٍ واحِدٍ، يَنْتَقِلُ مِن إحْدَى زاوِيَتَيْه إلى الأُخْرَى. وإن كان يَمْشِى بينَهما في غيرِهما، لم يَجُزْ له الخُرُوجُ وإن قرُبَ؛ لأَنَّه خُرُوجٌ مِن المسْجِدِ لغيرِ حاجَةٍ.