فصل: إذا نَذَر العَبْدُ الحَجَّ، صَحَّ نَذْرُه؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ، فصَحَّ نَذْرُه، كالحُرِّ. ولسَيِّدِه مَنْعُه مِن المُضِىِّ فيه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ حَقَّ سَيِّدِه الواجِبَ، فمُنِعَ منه، كما لو لم يَنْذُرْ. ذَكَرَه القاضي، وابنُ حامِدٍ. ورُوِىَ عن أَحمدَ، أَنَّه قال: لا يُعْجِبُنى مَنْعُه مِن الوَفاءِ به. وذلك لِما فيه مِن أداءِ الواجِبِ، فيَحْتَمِلُ أن ذلك على الكَراهَةِ، لا على التَّحْرِيمِ؛ لِما ذَكَرْنا. ويَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ؛ لأنَّه واجِبٌ، فلا يَمْلِكُ مَنْعَه منه، كسائِرِ الواجباتَ. والأوَّلُ أوْلَى. فإن أُعْتِقَ، لَزِمَه الوفاءُ به بعدَ حَجَّةِ الإِسْلامِ. فإن أحْرَمَ به أوَّلًا انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسْلامِ، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَبِ، كالحُرِّ إذا نَذَر حَجًّا.
فصلٌ في جِناياتِه: وما جَنَى على إحْرامِه لَزِمَه حُكْمُه. وحُكْمُه فيما يَلْزَمُه حُكْمُ الحُرِّ المُعْسِرِ، فَرْضُه الصيامُ. وإن تَحَلَّلَ بحَصْرِ عَدُوٍّ، أو حَلَّلَه سَيِّدُه، فعليه الصيامُ، لا يَتَحَلَّلُ قبلَ فِعْلِه، كالحُرِّ، وليس لسَيِّدِه أن يَحُولَ بينَه وبينَ الصومِ. نَصَّ عليه, لأنَّه صومٌ واجِبٌ، أشْبَهَ صومَ رمضانَ. فإن مَلَّكَهُ السَّيِّدُ هَدْيًا، وأذِنَ له في إهْدائِه، وقُلْنا: إنَّه يَمْلِكُه.