فاشْتُرِطَ لوُجُوبِها الزَّادُ والرَّاحِلَةُ، كالجِهادِ. وما ذَكَرُوه ليس باسْتِطاعَةٍ، فإنَّه شاقٌّ وإن كان عادَةً. والاعْتِبارُ بعُمُومِ الأحْوالِ دُونَ خُصُوصِها، كما أنَّ رُخَصَ السَّفَرِ تَعُمُّ مَن يَشُقُّ عليه ومَن لا يَشُقُّ عليه. وكذلك مَن كان له ما يَقْدِرُ به على تَحْصِيلِ الزَّادِ والرَّاحِلَةِ بالشُّرُوطِ المَذْكُورَةِ؛ لأنَّه في مَعْنَى مِلْك الزَّادِ والرَّاحِلَةِ. ولأنَّ القُدْرَةَ على ما تَحْصُلُ به الرَّقَبَةُ في الكَفّارَةِ كمِلْكِ الرَّقَبَةِ، فكذلك هَهُنا.
فصل: ويَخْتَصُّ اشْتِراطُ الرَّاحِلَةِ بالبَعِيدِ الذي بينَه وبينَ البَيْتِ مَسافَةُ القَصْرِ، فأمّا القَرِيبُ الذي يُمْكِنُه المَشْىُ، فلا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الراحِلَةِ في حَقِّه؛ لأنَّها مَسافَةٌ قرِيبَةٌ، يُمْكِنُه السَّعْىُ إليها، فلزِمَة، كالسَّعْىِ إلى الجُمُعَةِ، وإن كان مِمَّنْ لا يُمْكِنُه المَشْىُ، كالشَّيْخِ الكَبِيرِ، اعْتُبِرَ وُجُودُ الحُمُولَةِ في حَقِّه، لأنَّه عاجِزٌ عن المَشْىِ إليه (١)، أشْبَهَ البَعِيدَ. وأمّا الزّادُ، فلا بُدَّ منه، فإن لم يَجِدْ زَادًا، ولا قَدَر على كَسْبِه، لم يَلْزَمْه الحَجُّ.