قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيَمْسَحُ أحَدُنا على خُفَّيه. فقال:«نَعَمْ، إذَا أَدخَلَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ». رَواه الدّارَقطْنِيُّ (١). فأمّا إن غَسَل إحْدَى رِجْلَيه، ثم لَبِس الخُفَّ، ثم غَسَل الأخْرَى وأدْخَلَها الخُفَّ، لم يَجُزِ المَسْحُ أيضًا. وهو قولُ الشافعيِّ، وإسحاقَ. ونَحْوُه عن مالكٍ. وعنه، أنَّه يَجُوزُ، رَواها أبو طالِبٍ عنه. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأي؛ لأنَّه أحْدَثَ بعدَ كَمالِ الطهارةِ واللُّبْسِ، فجازَ، كما لو نَزَع الخُفَّ الأوَّلَ ثم لَبِسَه. وكذلك الحُكْمُ في مَن مَسَح رَأْسَه ولَبِس العِمامَةَ، ثم غَسَل رِجْلَيه، قِياسًا على الخفِّ. وقد قِيلَ، في مَن غَسَل رِجْلَيه ولَبِس خُفَّيه، ثم غَسَل بَقِيَّةَ أعْضائِه: إذا قُلْنا: إنَّ التَّرْتِيبَ ليس بشَرْطٍ. جازَ له المَسْحُ. ووَجْهُ الأولَى، ما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَين، وهو يَدُلُّ على وُجُودِ الطهارةِ فيهما جَمِيعًا وَقْتَ إدْخالِهِما، ولم يُوجَدْ ذلك وقتَ لُبْسِ الأولَى. ولأنَّ ما اعْتُبِرَ له الطهارةُ اعْتُبرَ له جَمِيعُها، كالصلاةِ. وفارَقَ ما إذا نَزَع الخُفَّ الأوَّلَ، ثم لَبِسَه؛ لأَنَّه لَبِسَه بعدَ كَمالِ الطهارةِ.
(١) في: باب الرخصة في المسح على الخفين. .، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٩٤.