للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّهما مِن شَرائِطِ الوُجُوبِ، لا يَجِبُ الحَجُّ بدُونِهما؛ لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى إنَّما فَرَض الحَجَّ على المُسْتَطِيعِ، وهذا غيرُ مُسْتَطِيعٍ، ولأنَّ هذا يَتَعَذَّرُ معه فِعْل الحَجِّ، فكانَ شَرْطًا، كالزَّادِ والرّاحِلَةِ. وهذا مَذْهَبُ أبى حنيفةَ والشافعىِّ. ورُوِىَ أنَّهما مِن شَرائِطِ لُزُومِ الأداءِ، فلو كَمَلَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسَةُ، ثم مات قبلَ وُجُودِ هذَيْن الشَّرْطَيْن، حُجَّ عنه بعدَ مَوْتِه، وإن أعْسَرَ قبلَ (١) وُجُودِهما بَقِىَ في ذِمَّتِه. وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، وذلك لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا سُئِلَ: ما يُوجِبُ الحَجَّ؟ قال: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» (٢). حديث حسنٌ. ولأنَّه عُذْرٌ يَمْنَعُ نَفْسَ الأداءِ، فلم يَمْنَعِ الوُجُوبَ، كالعَضَبِ (٣)، ولأنَّ إمْكانَ الأداءِ ليس بشَرْطٍ في وُجُوبِ العِباداتِ، بدَلِيلِ ما لو طَهُرَتِ الحائِضُ، أو بَلَغ الصَّبِىُّ، أو أفاقَ المَجْنُونُ، ولم يَبْقَ مِن وَقْتِ الصلاةِ ما يُمْكِنُ أداؤُها فيه، والاسْتِطاعَةُ مُفَسَّرَةٌ بالزّاد والرّاحِلَةِ في الحَدِيثِ، فيَجِبُ المَصِيرُ إليه، والفَرْقُ بينَ هذَيْن وبينَ الزّادِ والرّاحِلَةِ أنَّه يَتَعَذَّرُ مع فَقْدِهِما الأداءُ دُونَ القضاءِ، وفَقْدُ الزّادِ والرّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ معه الجَمِيعُ.


(١) في م: «بعد».
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٤٣.
(٣) العضب: الضعف والزمانة.