للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فهى مِيقاتُه، وإن حَجَّ مِن اليَمَنِ، فمِيقاتُه يَلَمْلَمُ، وإن حَجَّ مِن العِراقِ فمِيقاتُه ذاتُ عِرْقٍ. وهكذا كلُّ مَن مَرَّ على مِيقاتٍ غيرِ مِيقاتِ بَلَدِه صار مِيقاتًا له. سُئِلَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، عن الشّامِىِّ يَمُرُّ بالمَدِينَةِ يُرِيدُ الحَجَّ، مِن أين يُهِلُّ؟ قال: مِن ذِى الحُلَيْفَةِ. قِيلَ: فإنَّ بَعْضَ النّاسِ يَقُولُ (١): يُهِلُّ مِن مِيقاتِه، مِن الجُحْفَةِ. فقالَ: سبحان اللهِ! أليس يَرْوِى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللهُ عنهما، عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ» (٢). وهذا قولُ الشافعىِّ، وإسْحاقَ. وقال أبو ثَوْرٍ في الشّامِىِّ يُحْرِمُ بالمَدِينَةِ: له أن يُحْرِمَ مِن الجُحْفَةِ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وكانَتْ عائِشَةُ، رَضِىَ اللهُ عنها، إذا أرادَتِ الحَجَّ أحْرَمَتْ مِن ذِى الحُلَيْفَةِ، وإذا أرادَتِ العُمْرَةَ أحْرَمَتْ مِن الجُحْفَةِ (٣). ولَعَلَّهُم يَحْتَجُّون بأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ. ولَنا، قولُ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ». ولأنَّه مِيقاتٌ، فلم يَجُزْ تَجاوُزُه بغيرِ إحْرام لمَن يُريدُ النُّسُكَ، كسائِرِ المَواقِيتِ. وخَبَرُهم أُرِيدَ به مَن لم يَمُرَّ على مِيقاتٍ آخَرَ، بدَلِيلِ ما لو مَرَّ بمِيقاتٍ غيرِ ذِى الحُلَيْفَةِ، لم يَجُزْ تَجاوُزُه بغيرِ إحْرامٍ، بغيرِ خِلافٍ.


(١) في م: «يقولون».
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ١٠٤.
(٣) انظر: الاستذكار ١١/ ٨٤.