للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد رُوِىَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، في المَكِّىِّ: كلَّما تَباعَدَ في العُمْرَةِ فهو أعْظَمُ للأجْرِ، علىْ قَدْرِ تَعَبِها. وأمّا إذا أرادَ المَكِّى الإِحْرامَ بالحَجِّ، فمِن مَكَّةَ؛ للخَبَرِ المَذْكُورِ، ولأنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا فَسَخُوا الحَجَّ، أمرَهُم فأحْرَمُوا مِن مَكَّةَ. قال جابِرٌ، رَضِىَ اللهُ عنه: أمَرَنا النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نُحْرِمَ إذا تَوَجَّهْنا مِن الأبطَحِ. رَواه مسلمٌ (١). وهذا يَدُلُّ على أنَّه لا فَرْقَ بينَ قاطِنِى مَكَّةَ وغيرِهم مِمَّن هو بها، كالمُتَمتِّعِ إذا حَلَّ، ومَن فَسَخ حَجَّهُ بها. ونُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمه اللهُ تعالى، في مَن اعْتَمَر في أشْهُرِ الحَجِّ مِن أهْلِ مَكَّةَ، أنَّه يُهِلُّ بالحَجِّ مِن المِيقاتِ، فإنْ لم يَفْعَلْ، فعليه دَمٌ. والصَّحِيحُ ما ذَكَرْنا أوَّلًا، وقد دُلَّتْ عليه الأحادِيثُ الصَّحِيحَةُ. ويَحْتَمِلُ أنَّ أحمدَ إنَّما أرادَ أن الدَّمَ يَسْقُطُ عنه إذا خَرَج إلى المِيقاتِ فأحْرَمَ، ولا يَسْقُطُ إذا أحْرَمَ مِن مَكَّةَ. وهذا في غيرِ المَكِّيِّ، أمّا المَكِّيُّ فلا يَجِبُ عليه دَمُ مُتْعَةٍ بحالٍ؛ لقولِه تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٢). وذَكَر القاضى، في مَن دَخَل مَكَّةَ يَحُجُّ عن غيرِه، ثم أرادَ أن يَعْتَمِرَ بعدَه لنَفْسِه، أو بالعَكْسِ،


(١) في: باب بيان وجوه الإحرام. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٨٢. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣١٨، ٣٧٨.
(٢) سورة البقرة ١٩٦.