وقال الثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يَسْقُطُ؛ لأنَّ القَضاءَ واجِبٌ. ولَنا، أنَّه وَجَب عليه بمُوجِبِ هذا الإِحْرامِ، فلم يَسْقُطْ بوُجُوبِ القَضاءِ، كبَقِيَّةِ المَناسِكِ، وكجزَاءِ الصَّيْدِ. فصل: وإن جاوَزَ المِيقاتَ غيرَ مُحْرِمٍ، وخَشِىَ إن رَجَع إلى المِيقاتِ فَواتَ الحَجِّ، جاز أن يُحْرِمَ مِن مَوْضِعِه، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه، ويُجْزِئُه الحَجُّ. إلَّا أنَّه رُوِىَ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَن تَرَك المِيقاتَ فلا حَجَّ له. والأوَّلُ مَذْهَبُ الجُمْهورِ؛ لأنَّه لو كان مِن أرْكانِ الحَجِّ، لم يَخْتَلِفْ باخْتِلافِ النّاسِ والأماكِنَ، كالوُقُوفِ والطَّوافِ. وإذا أحْرَمَ مِن دُونِ المِيقاتِ عندَ خوْفِ الفَواتِ، فعليه دَمٌ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا عندَ مَن أوْجَبَ الإِحْرامَ مِن المِيقاتِ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ. وإنَّما أبَحْنا له الإِحْرامَ مِن مَوْضِعِه؛ مُراعاةً لإِدْراكِ الحَجِّ، فإنَّ مُراعاةَ ذلك أوْلَى مِن مُراعاةِ واجِبٍ فيه مع فَواتِه، ومَن لم يُمْكِنْه الرُّجُوعُ، لعَدَمِ الرُّفْقَةِ، أو الخَوْفِ مِن عَدُوٍّ أو لِصٍّ أو مَرَضٍ، أو لا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ، ونحْوِ هذا مِمّا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فهو كالخائِفِ الفَواتَ، في أنَّه يُحْرِمُ مِن مَوْضِعِه، وعليه دَمٌ.