«اغْتَسِلِي». فكيفَ الطّاهِرُ؟ فأظْهَرَ التَّعَجُّبَ مِن هذا القولِ. وكان ابنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ أحْيانًا، ويَتَوَضَّأُ أحْيانًا. وأيُّ ذلك فَعَل أجْزَأه، ولا أوْجَبَ الاغْتِسَالَ، ولا أمَرَ به، إلَّا لحائِضٍ أو نُفَساءَ، ولو كان واجِبًا لأمَرَ به غيرَهما. ولأنَّه لأمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، فأشْبَهَ غُسْلَ الجُمُعَةِ. فإن لم يَجِدْ ماءً، فقالَ القاضى: يَتَيَمَّمُ؛ لأنَّه غُسْلٌ مَشْرُوعٌ، فنابَ التَّيَمُّمُ عنه، كالواجِبِ. والصَّحِيحُ أنَّه غيرُ مَسْنُونٍ؛ لأنَّه غُسْلٌ غيرُ واجِبٍ، فلم يُسْتَحَبَّ التَّيَمُّمُ عندَ عَدَمِه، كغُسْلِ الجُمُعَةِ. وما ذَكَرَه مُنْتَقِضٌ بغُسْلِ الجُمُعَةِ. والفَرْقُ بينَ الواجِبِ والمَسْنُونِ أنَّ الواجِبَ شُرِعَ لإِباحَةِ الصلاةِ، والتَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقامَه في ذلك، والمَسْنُونَ يُرادُ للتَّنْظِيفِ وقَطْعِ الرّائِحَةِ، والتَّيَمُّمُ لا يُحَصِّلُ هذا، بل يُحَصِّلُ شَعَثًا وتَغْبِيرًا؛ ولذلك افْتَرَقا في الطَّهارَةِ الصُّغْرَى، فلم يُشْرَعْ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، ولا تَكْرارُ المَسْحِ.
فصل: ويُسْتَحَبُّ للمَرْأةِ الغُسْلُ، كالرجلِ، وإن كانت حائِضًا أو نُفَساءَ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ، وهى نُفَساءُ، أن تَغتَسِلَ. رَواه مسلمٌ. وأمَرَ عائِشَةَ أن تَغْتَسِلَ لإِهْلالِ الحَجِّ، وهى حائِضٌ (١).