للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إسْنادِه مقالًا. فإن قِيلَ: فقد نَهَىِ عنها عُمَرُ، وعثمانُ، ومُعاويَةُ. قُلْنا: فقد أنْكَرَ عليهم عُلَماءُ الصحابةِ نهْيَهم عنها، وخالَفُوهم في فِعْلِها، وقد ذَكَرْنا إنْكارَ عليٍّ على عثمانَ، واعْتِرافَ عثمانَ له، وقولَ عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ مُنْكِرًا لنَهْىِ مَن نَهَى، وقولَ سَعْدٍ عاتِبًّا على مُعاوِيَةَ نَهْيَه عنها، وَرَدَّهم عليهم بحُجَجٍ لم يَكُنْ لهم عنها جَوابٌ، بل ذَكَر بعضُ مَن نَهَى في كَلامِه الحُجَّةَ عليه، فقالَ عُمَرُ، رَضِىَ الله عنه: والله إنِّى لأنهاكُم عن المُتْعَةِ، وإنَّها لفى كِتابِ الله، وقد صَنَعَها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١). ولا خِلافَ في أنَّ مَن خالَفَ كتابَ الله وسُنَّةَ رسولِه حَقِيقٌ بأن لا يُقبَلَ نَهْيُه، ولا يُحْتَجَّ به، مع أنَّه قد سئِلِ سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أنهَى عُمَرُ عن المُتْعَةِ؟ قال: لا، والله ما نهَي عنها عُمَرُ، ولكن قد نهَى عنها عثمانُ. ولَمّا نَهَى مُعاوِيَةُ عن المُتْعةِ أمَرَت عائِشَةُ حَشَمَها ومَواليَها أنَّ يُهِلُّوا بها، فقالَ مُعاويَةُ: مَن هؤلاء؟ فقِيل: حَشَمُ أو مَوالِى عائِشَةَ. فأرْسَلَ إليها: ما حَمَلَكِ على ذلك؟ فقالَت: أحْبَبْتُ أنَّ يُعْلَمَ أنَّ الذى قُلْتَ ليس كما قُلْتَ. وقِيلَ لابنِ عباسٍ: إنَّ فُلانًا نَهَى عن المُتْعَةِ. قال: انْظُرُوا في كتابِ الله، فإن وَجَدْتُمُوها فيه، فقد كَذَب على اللهِ، وعلى رسول، وإن لم تَجِدُوها فقد صَدَق. فأيُّ الفَرِيقَيْن أحَقُّ بالاتِّباعِ وأوْلَى بالصَّوابِ؟ الذين معهم كتابُ الله وسُنَّةُ رسول، أم الذين يُخالِفُونهما؟ ثم قد ثَبَتَ عن النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - الذى قَوْلُه حُجَّةٌ على الخَلْقِ أجْمَعِين، فكيفَ يُعارَضُ بقَوْلِ غيرِه؟ قال سعيدُ


(١) حديث عمر تقدم في صفحة ١٥٦.