ولأنَّه إذا رَجَع إلى المِيقاتِ أو ما دُونَه لَزِمَه الإحْرامُ منه، فإذا كان بَعِيدًا، فقد أنْشَأ سَفَرًا بَعِيدًا لحَجِّه، فلم يَتَرَفَّهْ بتَرْكِ أحَدِ السَّفَرَيْن، فلم يَلْزَمْه دَمٌ، كموضِعِ الوِ فاق. والآيَةُ تَناوَلَتِ المُتَمَتِّعَ، وهذا ليس بمُتَمَتِّعٍ؛ بدَلِيلِ قولِ عُمَرَ، رَضِىَ الله عنه. الرّابعُ، أنَّ يَحِل مِن إحْرامِ العُمْرَةِ قبلَ إحْرامِه بالحَجِّ، فإن أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ قبلَ حِلِّه منها، كما فَعَل النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه يَصِيرُ قارِنًا، ولا يَلْزَمُه دَمُ المُتْعَةِ. قالَتْ عائِشَةُ، رَضِىَ اللهُ عنها: خَرَجْنا مع النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - عامَ حَجَّةِ الوَداعِ، فأهْلَلْنا بعُمْرَةٍ، فقَدِمْتُ مَكَّةَ وأنا حائِضٌ، لم أطُفْ بالبَيْتِ، ولا بينَ الصَّفا والمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذلك إلى النبىِّ - صلي الله عليه وسلم -، فقالَ:«انْقُضِى رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِى، وَأهِلِّى بالْحَجِّ، وَدَعِى الْعُمْرَةَ». قالَتْ: ففَعَلْتُ، فلَمّا قَضَيْنا الحَجَّ أرْسَلَنِى رسولُ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - مع عبدِ الرحمنِ بنِ أبِى بَكْر إلى التَّنْعِيمِ، فاعْتَمَرْتُ معه،