للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَضِىَ اللهُ عنهما، أنَّه سَمِع رجلًا يُلَبِّى بالمَدِينَةِ، فقالَ: إنَّ هذا لمَجْنُونِّ، إنَّما التَّلْبِيَةُ إذا بَرَزْتَ. وهذا قولُ مالكٍ. وقال الشافعىُّ: يُلَبِّى في المساجِدِ كلِّها، ويَرْفَعُ صَوْتَه؛ لعُمُومِ الحديثِ. ولَنا، قولُ ابنِ عباس، ولأنَّ المساجِدَ إنَّما بُنِيَتْ للصلاةِ، وجاءَتِ الكَراهَةُ لِرَفْعِ الصَّوْتِ عامًّا (١)، إلَّا الإِمامَ خاصَّةً، فوَجَبَ إبْقاؤها على عُمُومِها. فأمّا مَكَّةُ فتُسْتَحَبُّ التَّلْبِيَةُ فيها؛ لأنَّها مَحَلُّ النُّسُكِ، وكذلك المَسْجِدُ الحَرامُ وسائِرُ مساجِدِ الحَرَمِ، كمَسْجِدِ مِنًى، وفى عَرَفاتٍ أيضًا.

فصل: ويُسْتَحَبُّ الدُّعاءُ يعدَها، فيَسْألُ اللهَ الجَنَّةَ، ويَسْتَعِيذُ به مِن النّارِ، ويَدْعُو بما أحَبَّ؛ لِما روَى الدّارَقُطْنِىُّ (٢) بإسْنادِه، عن خُزَيْمَةَ ابنِ ثابِتٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فَرَغ مِن تَلْبِيَتِه سَأل اللهَ مَغْفِرَتَه ورِضْوانَه، واسْتَعاذَه برَحْمَتِه مِن النّارِ. وقال القاسِمُ بنُ محمدٍ: يُسْتَحَبُّ للرجلِ إذا فَرَغ مِن تَلْبِيَيه أن يُصَلِّىَ على النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -. لأنَّه مَوْضِعٌ شُرِع فيه ذِكْرُ الله تِعالى، فشُرِعَ فيه الدُّعاءُ، ولأنَّ الدُّعاءَ مَشْرُوعٌ مُطْلَقًا، فتأكَّدَتْ مَشْرُوعِيَّتُه بعدَ ذِكْرِ الله تِعالى. ويُسْتَحَبُّ أن يُصَلِّىَ على


(١) في م: «عامة».
(٢) في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى ٢/ ٣٣٨.