ثَلاثًا؟ فتَبَسَّمَ، وقال: ما أدْرِى مِن أين جاءُوا به؟ قُلْتُ: أليس يُجْزِئُه مَرَّةٌ واحِدَةٌ؟ قال: بلى. وذلك لأنَّ المَرْوِىَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا، مِن غيرِ تَقْيِيدٍ، وذلك يَحْصُلُ بمرَّةٍ واحِدَةٍ، وهكذا التَّكْبِيرُ في أدْبارِ الصَّلَواتِ، في أيّام الأضْحَى، وأيّام التَّشْرِيقِ. وإن زادَ فلا بَأْسَ؛ لأنَّ ذلك زِيادَةُ ذِكْرٍ وخَيْرٍ، وتَكْرارُه ثَلاًثا حسنٌ، فإنَّ اللهَ وِتْر يُحِبُّ الوِتْرَ.
فصل: ولا بَأْسَ بالتَّلْبِيَةِ في طَوافِ القُدُومِ. وبه قال ابنُ عباسٍ، وعَطاءُ بنُ السّائِبِ، ورَبِيعَةُ بنُ عبدِ الرحمن، وابنُ أبِى لَيْلَى، وداودُ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّه قال: لا يُلَبِّى حولَ البَيْتِ. وقال ابنُ عُيَيْنَةَ: ما رَأيْنا أحَدًا يُقْتَدَى به يُلَبِّى حولَ البَيْتِ، إلَّا عَطاءَ بنَ السّائِبِ. وقال أبو الخَطّابِ: لا يُلَبِّى. وهو قولٌ للشافعىِّ؛ لأنَّه مُشْتَغِلٌ بذِكْر يَخُصُّه، فكانَ أوْلَى. ولَنا، أنَّه زَمَنُ التَّلْبِيَةِ، فلم يُكْرَهْ له، كما لو لم يَكُنْ حولَ البَيْتِ، ويُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ التَّلْبِيَةِ والذِّكْرِ المشْرُوعِ في الطَّوافِ. ويُكْرَهُ له رَفْعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبِيَةِ حولَ البَيْتِ؛ لئَلَّا يَشْغَلَ الطَّائِفِين عن طَوافِهم وأذْكارِهِم.
فصل: ولا بَأْسَ أن يُلَبِّىَ الحَلالُ. وبه قال الحسنُ، والنَّخَعِىُّ، وعَطاءُ ابنُ السّائِبِ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكَرِه هذا مالكٌ. ولَنا، أنَّه ذِكْرٌ مُسْتَحَبُّ للمُحْرِمِ، فَلم يُكْرَهْ لغيرِه، كسائِرِ الأذْكارِ.