للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولَنا، أنَّه إتْلافٌ، فاسْتَوَى عَمْدُه وسَهْوُه، كإتْلافِ مالِ الآدَمِىِّ. ولأنَّ الآيةَ قد دَلَّتْ على وُجُوبِ الفِدْيَةِ على مَن حَلَق رَأْسَه للأذَى، وهو مَعْذُورٌ، فكانَ تَنْبِيهًا على وُجُوبِها على غيرِ المَعْذُورِ، وفيها دَلِيلٌ على وُجُوبِها على المَعْذُورِ بغيرِ الأذَى، مِثْلَ المُحْتَجِمِ الذى يَحْلِقُ مَوْضِعَ مَحاجِمِه، أو شَعَرًا عن شَجَّتِه. وفى مَعْنَى النّاسِى النّائمُ (١) الذى يَقْلَعُ شَعَرَه، أو يُصَوِّبُ رَأْسَه إلى نارٍ، فيَحْرِقُ لَهَبُها شَعَرَه، ونحوُ ذلك. الفصل الثّانِى في القَدْرِ الذى تَجِبُ به الفِدْيَةُ، وذلك ثَلاثُ شَعَراتٍ فما زادَ. قال القاضى: هذا المَذْهَبُ. وهو قولُ الحَسنِ، وعَطاءٍ، وابنِ عُيَيْنَةَ، والشافعىِّ، وأبِى ثَوْرٍ؛ لأنَّه شَعَرُ آدَمِىٍّ يَقَعُ عليه الجَمْعُ المُطْلَقُ، أشْبَهَ رُبْعَ الرَّأْسِ. وفيه روايَةٌ أُخْرَى ذَكَرَها الخِرَقِىُّ، أنَّه لا يَجبُ إلَّا في أرْبَعٍ فصاعِدًا؛ لأنَّ الأرْبَعَ كثِيرٌ أشْبَهَتْ رُبْعَ الرَّأْسِ، أمّا الثَّلاثُ فهى آخِرُ القِلَّةِ، وآخِرُ الشئِ منه، فأشْبَهَتْ ما كان دُونَها. وذَكَر ابنُ أبى موسى رِوايَةً، أنَّه لا يَجِبُ فيما دُونَ الخَمْس. ولا نَعْلَمُ وَجْهًا لذلك. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ الدَّمُ بدُونِ رُبْعِ الرَّأسَ؛ لأنَّه يَقُومُ مَقامَ الكلِّ، ولهذا إذا رَأى رجلًا يَقُولُ: رَأْيتُ فُلانًا. وإنَّما أُرِىَ إحْدَى جِهاتِه. وقال مالكٌ:


(١) في النسخ: «والنائم». خطأ. وانظر المغنى ٥/ ٣٨٢.