فيه أقَلُّ ما يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّدَقَةِ. وعن مالكٍ، في مَن أزالَ شَعَرًا يَسِيرًا: لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ النَّصَّ إنَّما أوْجَبَ الفِدْيَةَ في حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وألْحَقْنا به ما يَقَعُ عليه اسْمُ الرَّأْسِ. ولَنا، أنَّ ما ضُمِنَتْ جُمْلَتُه ضُمِنَتْ أبْعاضُه، كالصَّيْدِ. والأوْلَى وُجُوبُ الإِطْعامِ؛ لأنَّ الشّارِعَ إنَّما عَدَل عن الحَيَوانِ إلى الإِطْعامِ في جَزاءِ الصَّيْدِ، وههُنا أوْجَبَ الإِطْعامَ مع الحَيَوانِ على وَجْهِ التَّخْيِيرِ، فيَجِبُ أن يَرْجِعَ إليه فيما لا يَجِبُ فيه الدَّمُ، والأوْلَى مُدُّ؛ لأنَّه أقَلُّ ما وَجَب بالشَّرْعِ فِدْيَةً، فكانَ واجِبًا في أقَلِّ الشَّعَرِ، والطَّعامُ الذى يُجْزِئُ إخْراجُه في الفِطرَةِ مِن البُرِّ والشَّعِيرِ والتَّمْرِ والزَّبِيبِ، كالذى يُجْزِئُ في الأرْبَعِ مِن الشَّعَرِ.
فصل: وحُكْمُ الأظْفارِ حُكْمُ الشَّعَرِ فيما ذَكَرْنا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِن أخْذِ أظْفارِه، وعليه الفِدْيَةُ بِأخْذِها في قولِ أكْثَرِهم؛ منهم حَمّادٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيه بفِدْيَةٍ. ولَنا، أنَّه أزالَ ما مُنِعَ إزالَتَه لأجْلِ التَّرفُّهِ، فوَجَبَتْ عليه الفِدْيَةُ، كحَلْقِ الشَّعَرِ. وعَدَمُ النَّصِّ لا يَمْنَعُ قياسَه على المَنْصُوصِ،