للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خِلافَ بينَ أهْلِ العِلْمِ في تَحْرِيمِ قَتْل صَيْدِ البَرِّ واصْطِادِه على المُحْرِمِ. والأصْلُ فيه قولُ اللهِ سُبْحانَه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (١). وقَوْلُه تَعالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (٢). والصَّيْدُ المُحَرَّمُ على المُحْرِمِ ما جَمَع ثَلَاثةَ أشْياءَ؛ أحَدُها، أن يَكُونَ وَحْشِيًّا، وما ليس بوَحْشِيٍّ لا يَحْرُمُ على المُحْرِمِ أكْلُه، ولا ذَبْحُه؛ كبَهِيمَةِ الأنعامِ والخَيْلِ والدَّجاجِ، ونحوها. لا نَعْلَمُ بينَ أهْلِ العِلْمِ فيه خِلافًا. والاعْتِبارُ في ذلك بالأصْلِ، لا بالحالِ، فلو اسْتَأْنَسَ الوَحْشِيُّ، وَجَب فيه الجَزاءُ، كالحَمامِ يَجِبُ الجَزاءُ في أهْلِيِّه وَوَحْشِيِّه اعْتِبارًا بالأصْلِ. ولو تَوَحَّشَ الأهْلِيُّ، لم يَجبْ فيه شَئٌ. قال أحمدُ في بَقَرَةٍ صارَتْ وَحْشِيَّةً: لا شَئَ فيها؛ لأنَّ الأَصْلَ فيها الإِنْسِيَّةُ. فإن تَوَلَّدَ بينَ الوَحْشِىِّ والأهْلِىِّ وَلَدٌ، ففيه الجَزاءُ؛ تَغْلِيبًا للتَّحْرِيمِ. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في الدَّجاجِ السِّنْدِىِّ، هل فيه جَزاءٌ؟ على رِوايَتَيْن. وروَى مُهَنَّا، عن أحمدَ، في البَطِّ: يَذْبَحُه المُحْرِمُ إذا لم يَكُنْ صَيْدًا. والصَّحِيحُ أنَّه يَحْرُمُ عليه ذَبْحُه، وَفيه الجَزاءُ؛ لأنَّ الأصْلَ فيه الوَحْشِىُّ، فهو كالحَمامِ. الثّانِى، أن يَكُونَ مَأْكُولًا، فأمّا ما ليس بمَأْكُولٍ، كسِباعِ البَهائِم


(١) سورة المائدة ٩٥.
(٢) سورة المائدة ٩٦.