فصل: ومَن مَلَك صَيْداً في الحِلِّ، فأدْخَلَه الحَرَمَ، لَزِمَه رَفْعُ يَدِه وإرْسالُه، فإن تَلِف في يَدِه، أو أتلَفَه، فعليه ضَمانُه، كصَيْدِ الحِلِّ في حَقِّ المُحْرِمِ. قال عَطاء: إن ذَبَحَه، فعليه الجَزاءُ. ورُوىَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما. وممَّن كَرِه إدْخالَ الصَّيْدِ الحَرَمَ، ابنُ عُمَرَ، وابن عباس، وعائِشَةُ، وعَطاء، وطاوسٌ، وأصْحاب الرَّأيِ. ورَخَّصَ فيه جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ، ورُوِيَتْ عنه الكَراهَةُ. قال هِشامُ بنُ عُرْوَةَ: كان ابن الزُّبَيرِ تِسْعَ سِنِين يَراها في الأقْفاص، وأصْحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَرَوْن به بأسًا. ورَخَّصَ فيه سعيدُ بنُ جُبَيرٍ، ومُجاهِدٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابن المُنْذِرِ؛ لأنه مَلَكَه خارِجًا، وحَلَّ له التَّصَرُّفُ فيه، فجازَ له ذلك في الحَرَم، كصَيْدِ المَدِينَةِ. ولَنا، أن الحَرَمَ سَبَبٌ مُحَرِّمٌ للصِّيْدِ، يُوجِبُ ضَمانَه، فحَرَّمَ اسْتِدامَةَ إمْساكِه، كالإحْرامِ، ولأنَّه صَيْدٌ ذَبَحَه في الحَرَمِ، فلَزِمَه جزاؤه، لو صادَه منه، وصَيْدُ المَدِينَةِ لا جَزاءَ فيه، بخِلافِ صَيْدِ الحَرَمِ.