وهو قولُ الشافعيِّ، وأصْحابِ الرأيِ، وابنِ المُنْذِرِ، وهو الصَّحِيحُ، إن شاء الله تعالى؛ لأنَّه اسْتِمْتاع لا يَجِبُ بنَوْعِه الحَدُّ، فلم يُفْسِدِ الحَجَّ، كما لو لم يُنزِلْ، ولأنَّه لا نَصَّ فيه ولا إجْماعَ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على المَنْصُوص عليه؛ لأنَّ الوَطْءَ في الفَرْجِ يَجِبُ بنَوْعِه الحَدُّ، ولا يَفْتَرِقُ الحالُ فيه بينَ الإنْزالِ وعَدَمِه، بخِلافِ المُباشَرَةِ. والصيامُ بخِلافِ الحَجِّ في المُفْسِداتِ، ولذلك يَفْسُدُ إذا أنْزَلَ بتَكْرَارِ النَّظرَ وسائرِ مَحْظُوراتِه، والحجُّ لا يَفْسُدُ بشئٍ مِن مَحْظوراتِه غيرِ الجِماعِ، فافْتَرَقا. والمَرْأةُ كالرجلِ في هذا، إذا كانَتْ ذاتَ شَهْوَةٍ، وإلَّا فلا شئَ عليها، كالرجلِ إذا لم يَكُنْ له شَهْوةٌ. وإن لم يُنْزِلْ لم يَفْسُدْ حَجُّه بذلك. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّها كلُ مباشَرَةٌ دُونَ الفَرْجِ عَرِيَتْ عن الإنْزالِ، فلم يَفْسُدْ بها الحَجُّ، قِياسًا عليه. وقد رُوِيَ عن ابنِ عباس، رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال لرجل قبَّلَ زَوْجَتَهَ: أفْسَدْتَ حَجَّكَ. ورُوِيَ ذلك عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ. وهو مَحْمُولٌ على ما إذا أنْزَلَ.