لقَوْلِه تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}(١). وتُعْتَبَرُ القدْرَةُ على الهَدْىِ في مَوْضِعِه، فمتى عَدِمَه في مَوْضِعِهِ، جاز له الانْتِقالُ إلى الصِّيامِ، وإن كان قادِرًا عليه في بَلَدِه؛ لأنَّ وُجُوبَه مُوَقَّت، فاعْتبِرَت له القدْرَة عليه في مَوْضِعِه، كالماءِ في الطّهارَةِ، إذا عَدِمَه في مَكانِه انتقَلَ إلى التُّرابِ.
فصل: ولكلِّ واحِدٍ مِن صَوْم الثَّلاثَةِ والسَّبعَةِ وَقْتان؛ وَقْتُ اسْتِحْبابٍ، وَوَقْتُ جَوازٍ. فأمّا الثَّلَاثَةُ، فالأفْضَلُ أن يَكونَ آخِرها يَوْمَ عَرَفَةَ. يُرْوَى ذلك عن عَطاءٍ، وطاوُسٍ، والشَّعْبِىِّ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعَلْقَمَةَ، وأصحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ، وعائِشَةَ، رَضِىَ الله عنهما، أنَّه يَصُومُهُنَّ ما بينَ إهْلالِه بالحَجِّ ويَوْمِ عَرَفَةَ. وظاهِرُ هذا أنَّه يَجْعَل آخِرَها يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ لأنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ بعَرَفَةَ غير مُسْتَحَبٍّ. وذَكَر القاضى في «المُجَرَّدِ» ذلك مَذْهَبُ أحمدَ. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ ما ذَكَرْناه أولًا، وإنَّما أوْجَبْنا له صَوْمَ