للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَجَّ عِبادَةٌ يَجِبُ بإفْسادِها الكَفّارَةُ، فكانَ في مَحْظُوراتِه ما يُفَرَّقُ فيه بينَ عَمْدِه وسَهْوه، كالصَّوْمِ. وأمّا الحَلْقُ وقَتْل الصَّيْدِ فهو إتْلاف، ولا يُمْكِن تَلافِيه. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّه متى ذَكَر فعليه خَلْعُ اللِّباسِ وغَسْلُ الطيِّبِ في الحالِ، فإن أخَّرَ ذلك عن زَمَنِ الإمْكانِ، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه تَطَيَّبَ ولَبِس مِن غيرِ عُذْرٍ، فأشْبَة المبْتَدِئَ. وإن مَسَّ طِيبًا يَظُنُّه يابِسًا، فبان رَطْبًا، ففيه وَجْهَان؛ أحَدُهما، عليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه قَصَد مَسَّ الطِّيب. والثّانِى، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه جَهِل تَحْرِيمَه، فأشْبَة مَن جَهِل تَحْرِيمَ الطّيِبِ. وإن طُيِّبَ بإذْنِه فعليه الفِدْيَة؛ لأنَّه مَنْسُوبٌ إليه. فإن قِيلَ: فلِمَ لا يَجُوز له اسْتِدامَة الطيِّبِ ههُنا، كالذى تطَيَّبَ قبلَ إحْرامِه؟ قُلْنا: ذلك فِعْلٌ مَنْدُوبٌ إليه، فكانَ له اسْتِدامَته، وههُنا هو مُحَرَّمٌ، وإنَّما سَقَط حُكْمُه بالنِّسْيانِ والجَهْلِ، فإذا زالا ظَهَر حُكْمه، وإن تَعَذَّرَ عليه إزالتُه لإكْراهٍ أو عِلَّةٍ، ولم يَجِدْ مَن يُزِيلُه، فلا فِدْيَةَ عليه، وجَرَى مَجْرَى المُكْرهِ على ابْتِداءِ الطِّيبِ. وحُكْمُ الجاهِل إذا عَلِم حُكْمُ النّاسِى إذا ذَكَر، وحُكْمُ المكْرَهِ حُكْمُ النّاسِى؛ لأنَّه مَقْرون به في الحديثِ الدّالِّ على العَفْوِ. ويُسْتَحَبُّ له أن يُلبِّىَ إذا فَعَل ذلك؛ اسْتِذْكارًا للحَجِّ، واسْتِشْعارًا بإقامَتِه