للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحَدَهما) وذلك لقولِ اللهِ تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١). فيَحْكُمان فيه بأشْبَهِ الأشْياءِ به مِن النَّعَمِ، مِن حيثُ الخِلْقَةُ، لا مِن حيثُ القِيمَةُ؛ بدَلِيلِ أنَّ قَضاءَ الصَّحابَةِ لم يَكُنْ بالمِثْلِ في القِيمَةِ. وليس مِن شَرْطِ الحَكَمِ أن يَكُونَ فَقِيهًا؛ لأنَّ ذلك زِيادَةٌ على أمْرِ الله تِعالى به، وقد أمَر عُمَرُ أرْبَدَ أن يَحْكُمَ في الضَّبِّ، ولم يَسْألْ أفَقِيهٌ أمْ لا؟ لكنْ تُعْتَبَرُ العَدالَةُ؛ لأنَّها مَنْصُوصٌ عليها. وتُعْتَبَرُ الخِبْرَةُ؛ لأنَّه لا يَتَمَكَّنُ مِن الحُكْمِ بالمِثْلِ إلَّا مَن له خِبْرَةٌ، ولأنَّ الخِبْرَةَ بما يَحْكُمُ به شَرْطٌ في سائِرِ الحُكّامِ. ويَجُوزُ أن يَكُونَ القاتِلُ أحَدَ العَدْلَيْن. وبه قال الشافعىُّ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ، والنَّخَعِىُّ: ليس له ذلك. لأنَّ الإنْسانَ لا يَحْكُمُ لنَفْسِه. وكذلك يَجُوزُ أن يَكُونَ الحاكِمان القاتِلَيْن. وبه قال الشافعىُّ. وقال مالكٌ: لا يَجُوزُ. حَكاه أبو الحُسَيْنِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه سبحانه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}. والقَاتِلُ مع غَيْرِه ذَوَا عَدْلٍ مِنّا. وقد روَى الشافعىُّ في «مُسْنَدِه» (٢)، عن طارِقِ بنِ شِهابٍ، قال: خَرَجْنا حُجَّاجًا، فأوْطَأ رجلٌ مِنّا -يُقالُ له: أرْبَدُ- ضَبُّا، ففَقَرَ ظَهْرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، فسَألَه أرْبَدُ، فقالَ: احْكُمْ يا أرْبدُ فيه. قال: أنْتَ خَيْرٌ مِنِّى يا أمِيرَ المُؤْمِنين. قال: إنَّما أمَرْتُك أن تَحْكُمَ، ولم آمُرْك


(١) سورة المائدة ٩٥.
(٢) في: باب فيما يباح للمحرم وما يحرم. . . .، من كتاب الحج. ترتيب مسند الشافعى ١/ ٣٣٢.