رَواه حَنْبَلٌ في «المَناسِك». وعن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ الله عنهما، أنَّه قال: في الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وفى الجَزْلَةِ شاةٌ. قال: والدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ العَظِيمَةُ، والجَزْلَةُ: الصَّغِيرَةُ. ونحوُه عن عَطاءٍ. ولأنَّه مَمْنُوعٌ منه؛ لحُرْمَةِ الحَرَمِ، فضُمِن، كالصَّيْدِ، ويُخالِفُ المُحْرِمَ، فإنَّه لا يُمْنَعُ مِن قَطْع شَجَرِ الحِلِّ، ولا زَرْعِ الحَرَم. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الكَبِيرَةَ ببَقَرَةٍ، والصَّغِيرَةَ بشَاةٍ، والحَشِيشَ بقِيمَتِه، والغُصْنَ بما نَقَص، كأعْضاءِ الحَيَوانِ. وبه قال الشافعىُّ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: يَضْمَنُ الكُلَّ بقِيمَتِه. وعن أحمدَ مثلُ ذلك. وعنه، في الغُصْنِ الكَبِيرِ شاةٌ. ولَنا، قولُ ابنِ عباسٍ، وعَطاءٍ، ولأنَّه أحَدُ نَوْعَىْ ما يَحْرُمُ إتْلافُه، فكان فيه ما يُضْمَنُ بمُقَدَّرٍ، كالصَّيْدِ. فإن قَطَع غُصْنًا أو حَشِيشًا، فاسْتَخْلَفَ، سَقَط ضَمانُه، كما لو قَطَع شَعَرَ آدَمِىٍّ فنَبَتَ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه لا يَسْقُطُ؛ لأنَّ الثانِىَ غيرُ الأوَّلِ، فهو كما لو حَلَق المُحْرِمُ شَعَرًا، فعادَ.
فصل: ومَن قَلَع شَجَرَةً مِن الحَرَمِ، فغَرَسَها في مَكانٍ آخَرَ، فيَبِسَتْ، ضَمِنَها؛ لأنَّه أتْلَفَها. وإن غَرَسَها في الحَرَمِ، فنَبَتَتْ، لم يَضْمَنْها؛ لأنَّه لم يُتْلِفْها، ولم يُزِلْ حُرْمَتَها، وإن نَقَصَتْ، ضَمِنَ نَقْصَها.