للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ» (١). ولأنَّها عِبادَة تَتَعَلَّقُ بالبَيْتِ فلم يَجُزْ فِعْلُها راكِبًا لغَيْرِ عُذْرٍ، كالصلاةِ. والثانِيَةُ، يُجْزِئُه، ويَجْبُرُه بدَمٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، إلَّا أنَّه قال: يُعِيدُ ما كانَ بمَكَّةَ، فإن رَجَع جَبَرَه بدَمٍ؛ لأنَّه تَرَك صِفَةً واجِبَةً في رُكْنِ الحَجِّ، أشْبَهَ ما لو دَفَع مِن عَرَفَةَ قبلَ الغُروبِ. والثالِثَةُ، يُجْزِئُ، ولا شئَ عليه. اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، وابنِ المنْذِرِ؛ لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - طافَ راكِبًا (٢). قال ابنُ المُنْذِرِ: لا قَوْلَ لأحَدٍ مع فِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ولأنَّ اللهَ تَعالَى أمَر بالطَّوافِ مُطْلَقًا، فكَيْفَما أتَى به أجْزَأه، ولا يَجُوز تَقْيِيدُ المُطْلَقِ بغيرِ دَلِيلٍ.

فصل: والطَّوافُ راجِلًا أفْضَلُ، بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - في غيرِ حَجَّةِ الوَداعِ طافَ ماشِيًا، وأصحابُه طافُوا مُشاةً. وفى قولِ أُمِّ سَلَمَةَ: شَكَوْتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنِّى أشْتَكِى، فقالَ: «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأنْتِ رَاكِبَةٌ» (٣). دَلِيلٌ على أنَّ الطَّوافَ إنَّما يَكونُ مَشْيًا، وإنَّما طافَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - راكِبًا لعُذْرٍ، فإنَّ ابنَ عباسٍ روَى أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَثُرَ عليه النّاسُ،


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٠٠.
(٢) أخرجه مسلم، في: الباب السابق. وأبو داود، في: الباب السابق. والنسائى، في: باب الطواف بين الصفا والمروة. . . .، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٩٣. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٩٧، ٣٦٩.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٩٦.