إذا انْصَبَّتْ (١) قَدَماه، رَمَل في بَطنِ الوَادِى، حتى إذا صَعِدَتا مَشَى، حتى إذا أُتِى المَرْوَةَ فَعَل على المَرْوَةِ كما فَعَلى على الصَّفَا، فلمّا كان آخِرُ طَوافِه على المَرْوَةِ قال:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَم أَسُقِ الهَدْىَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً». وهذا يَقْتَضِى أنَّه آخِرُ طَوافِه، ولو كان على ما ذَكَرُوه، كان آخِرُه عندَ الصَّفَا، في المَوْضِعِ الذى بَدَأ منه، ولأنَّه في كُلِّ مَرَّةٍ طائِفٌ بهما، فاحْتَسَبَ بذلك مَرَّةً، كما إذا طافَ بجَمِيعِ البَيْتِ، احْتَسَبَ به مَرَّةً.
فصل: ويَفْتَتِحُ بالصَّفَا، ويَخْتِمُ بالمَرْوَةِ؛ لأنَّ الترتِيبَ شَرْطٌ في السَّعْىِ كذلك، فإن بَدَأَ بالمَرْوَةِ لم يَحْتَسِبْ بذلك الشَّوْطِ، فإذا صارَ إلى الصَّفَا اعْتَدَّ بما يَأْتِى به بعدَ ذلك؛ لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَدَأ بالصَّفَا، وقال:«نَبْدَأُ بِمَا بَدَأ اللهُ بهِ». وهذا قَوْلُ الحسنِ، ومالكٍ، والشافعيِّ، والأوْزَاعِيِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وعن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. فبَدَأ بالصَّفَا، وقال: اتَّبِعُوا القُرْآنَ، فما بَدَأ اللهُ به، فابْدَءُوا به.
(١) في النسخ: «انفضت». والمثبت من صحيح مسلم، وكذلك في سنن ابن ماجه.