يُصَلِّى بها الصَّلَواتِ الخَمْسَ، ويَبِيتَ بها، لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَل ذلك، كا جاءَ في حَدِيثِ جابِرٍ. وهذا قولُ سُفْيانَ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى، ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وليس ذلك واجِبًا عندَ الجَمِيعِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا أحْفَظُ عن غيرِهم خِلافَهم. وقد تَخَلَّفَتْ عائشةُ لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ حتى ذَهَب ثُلُثَا اللَّيْلِ، وصَلَّى ابنُ الزُّبَيْرِ بمَكَّةَ.
فصل: فإن صادَفَ يومُ التَّرْوِيَةِ يومَ جُمُعَةٍ، فمَن كان مُقِيمًا بمَكَّةَ حتى زالَتِ الشمسُ، مِمَّن تَجِبُ عليه الجُمُعَةُ، لم يَخْرُجْ حتى يُصَلِّيَها؛ لأنَّ الجُمُعَةَ فَرْضٌ، والخرُوجُ إلى مِنًى في هذا الوَقْتِ ليس بفَرْض. فأمَّا قبلَ الزَّوالِ، فإن شاءَ خَرَج، وإن شاءَ أقامَ حتى يُصلِّىَ، فقد رُوِىَ أنَّ ذلك وُجِدَ في أيَّامِ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ فخَرَجَ إلى مِنًى. وقال عَطاءٌ: كُلُّ مَن أدْرَكْتُ يَصْنَعُونَه، أدْرَكتهم يجمعُ بمَكَّةَ إمامُهم ويَخْطُبُ، وَمَرَّةً لا يُجَمِّعُ ولا يَخْطُبُ. فعلى هذا، إذا خَرَج الإِمامُ، أمَرَ بعضَ (١) مَن تَخَلَّفَ أن يُصَلِّىَ بالنّاسِ الجُمُعَةَ. وقال أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: إذا كان وَالِى مَكَّةَ بمَكَّةَ يومَ الجُمُعَةِ، يُجَمِّعُ بهم. قِيلَ له: يَرْكَبُ إلى مِنًى، فيَجئُ إلى مَكَّةَ، يُجَمِّعُ بهم؟ قال: لا، إذا كان هو بعدُ بمَكَّةَ.