للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فجَمَعَ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، ثم خَطَب النّاسَ، ثم راحَ، فوَقَفَ على المَوْقِفِ مِن عَرَفَةَ (١). وقد ذَكَرْنا حَدِيثَ جابِرٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (٢): هذا كُلُّه مِمّا لا خِلافَ فيه بينَ عُلَماءِ المسلمين.

فصل: ويَجُوزُ الجَمْعُ لمَن بعَرَفَةَ مِن مَكِّىٍّ وغيرِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على أن الإِمامَ يَجْمَعُ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ بعَرَفَةَ، وكذلك كُلُّ مَن صَلَّى مع الإِمامِ. وذَكَرَ أصحابُنا أنه لا يَجُوزُ الجَمْعُ إلَّا لمَن بينَه وبينَ وَطَنِه سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، إلْحاقًا له بالقَصْرِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ فإنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَع معه مَن حَضَر مِن المَكِّيِّين وغيرِهم، فلم يَأْمُرْهم بتَرْكِ الجَمْعِ, أمَرَهم بتَرْكِ القَصْرِ، حينَ قال: «أتِمُّوا، فَإنَّا سَفْرٌ» (٣). ولو حُرِّمَ لَبَيَنّهَ لهم؛ لأنَّه لا يَجُوزُ تأخِيرُ البَيانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ، ولا يُقِرُّ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخَطَإِ. وقد كان عثمانُ (٤)، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُتِمُّ الصلاةَ؛ لأنَّه اتخَذَ أهْلًا بمَكَّةَ (٥)، ولم يَتْرُكِ الجَمْعَ. ورُوِىَ نَحْوُ ذلك عن ابنِ الزُّبَيْرِ. وكان عمرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ والِىَ مَكَّةَ، فخَرَجَ فجَمَعَ بينَ


(١) أخرجه أبو داود، في: باب الخروج إلى عرفة، من كتاب الحج. سنن أبى داود ١/ ٤٤٥. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٢٩.
(٢) الاستذكار ١٣/ ١٣٥.
(٣) تقدم تخريجه في ٥/ ٦٠.
(٤) في الأصل: «عمر».
(٥) سقط من: م.