«وَقَدْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أوْ نَهَارًا». ولأنَّه حَصَل بعَرَفَةَ في زَمَنِ الوُقُوفِ وهو عاقِلٌ، فأجْزَأه، كما لو عَلِم. وإن وَقَف وهو مُغْمًى عليه أو مَجْنُونٌ، ولم يُفِقْ حتى خَرَج منها، لم يُجْزِئْه. وهو قولُ الحسنِ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال عَطاءٌ في المُغْمَى عليه: يُجْزِئُه. وهو قولُ مالكٍ، وأصحابِ الرَّأْى. وقد تَوَقَّفَ أحمدُ في هذه المسألةِ، وقال: الحَسَنُ يَقُولُ: بَطَل حَجُّه، وعَطاء يُرَخِّصُ فيه. وذلك لأنَّه لا يُعْتَبَرُ له نِيَّةٌ ولا طَهارَةٌ، ويَصِحُّ مِن النّائِمِ، فصَحَّ مِن المُغْمَى عليه، كالمَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه رُكْنٌ مِن أرْكانِ الحَجّ، فلم يَصِحَّ مِن المُغْمَى عليه، كسائِرِ أرْكانِه. قال ابنُ عَقِيلٍ: والسَّكْرانُ كالمُغْمَى عليه؛ لأنَّه زائِلُ العَقْلِ بغيرِ نَوْم. فأمّا النّائِمُ فهو في حُكْمِ المُسْتَيْقِظِ، يُجْزِئُه الوُقُوفُ.
فصل: وتُسَنُّ له الطَّهارَةُ. قال أحمدُ: يُسْتَحَبُّ أن يَشْهَدَ المَنَاسِكَ كلَّها على وُضُوءٍ، كان عَطاءٌ يقولُ: لا يُقْضَى شئٌ مِن المَناسِكِ إلَّا على وُضُوءٍ. ولا يَجِبُ ذلك. وحَكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وفى قولِ النبىِّ