مِن لَيْلَةِ النَّحْرِ. وبذلك قال عَطاءٌ، وابنُ أبى لَيْلَى، والشافعىُّ. وعن أحمدَ أنَّه يُجْزِئُ بعدَ الفَجْرِ، قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وهو قولُ مالكٍ، وأصحابِ الرَّأْى، وابنِ المُنْذِرِ. وقال مُجاهِدٌ، والثَّوْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ: لا يَرْمِيها إلَّا بعدَ طُلُوعِ الشمسِ؛ لحَدِيثِ ابنِ عباسٍ. ولَنا، ما روَى أبو داودَ (١)، عن عائشةَ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فرَمَتْ جَمْرَةَ العَقَبَةِ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ، فأفَاضَتْ. ورُوِىَ أنَّه أمَرَها أن تُعَجِّلَ الإِفاضَةَ، وتُوَافِىَ مَكَّةَ معِ صلاةِ الصُّبْحِ. احْتَجَّ به أحمدُ. ولأنَّه وَقْتٌ للدَّفْعِ مِن المُزْدَلِفَةِ، فكان وَقْتًا للرَّمْىِ، كبعدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، والأخْبارُ المَذْكُورَةُ مَحْمُولَةٌ على الاسْتِحْبابِ.
فصل: وإن أخَّرَ الرَّمْىَ إلى آخِرِ النَّهارِ، جازَ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ مَن رَماها يومَ النَّحْرِ قبلَ المَغِيبِ، فقد رَماهَا في وَقْتٍ لها، وإن لم يَكُنْ ذلك مُسْتَحَبًّا. وروَى ابنُ عباسٍ، قال: كان النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-