وبه قال مالكٌ. وعنه، يُجْزِئُه بَعْضُه، كالمَسْحِ. كذلك قال ابنُ حامِدٍ. وقال الشافعىُّ: يُجْزِئُه التَّقْصِيرُ مِن ثَلاثِ شَعَراتٍ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: يُجْزِئُه ما يَقَعُ عليه اسمُ التَّقْصِيرِ؛ لتَنَاوُلِ اللَّفْظِ له. ولَنا، قولُه تعالَى:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ}(١). وهذا عامٌّ في جَمِيعِه، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَلَق جَمِيعَ رَأْسِه، تَفْسِيرًا لمُطْلَقِ الأمْرِ به، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إليه. فإن كان الشَّعَرُ مَضْفُورًا قَصَّرَ مِن رُءُوس ضَفائِرِه. كذلك قال مالكٌ: تُقَصِّرُ المَرْأَةُ مِن جَمِيع قُرونِها. ولا يَجبُ التَّقْصِيرُ مِن كلِّ شَعَرِه؛ لأنَّ ذلك لا يُعْلَمُ إلَّا بحَلْقِه. وأَىُّ قَدْرٍ قَصَّرَ منه أجْزَأَ؛ لأنَّ الأمْرَ مُطْلق، فيَتَناوَلُ أقَلَّ ما يَقَعُ عليه الاسْمُ. قال أحمدُ: يُقَصر قَدْرَ الأُنْمُلَةِ. وهو قولُ ابنِ عُمَرَ، والشافعىِّ. وهو مَحْمُولٌ على الاسْتِحْباب. وبأىِّ شئٍ قَصَّرَ الشَّعَرَ أجْزَأَه. وكذلك إن نَتَفَه، أو أزالَه بنُورَةٍ؛ لأنَّ القَصْدَ إزالَتُه، ولَكِنَّ السُّنَّةَ الحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَلَق رَأْسَه، فروَى أنَسٌ أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يومَ النَّحْر، ثم رَجَع إلى مَنْزله بمِنًى،