للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، قال: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْىٌ، فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً». رَواه مسلمٌ (١). ولأنَّ ما كان مُحَرَّمًا في الإِحْرام، إذا أُبِيحَ كان إطْلاقًا مِن مَحْظُورٍ، كسائِرِ مُحَرَّماتِه. والرِّوايَةُ الأُولَى أصَحُّ، فإنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ به، فروَى ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ، فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ» (٢). وعن جابِرٍ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: «أُحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ بِطَوَافٍ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا». وأمْرُه يَقْتَضِى الوُجُوبَ. ولأنَّ اللَّهَ تعالى وَصَفَهم بقَوْلِه: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (٣). ولو لم يَكُنْ مِن المَناسِكِ لَما وَصَفهم به، كاللُّبْسِ وقَتْلِ الصَّيْدِ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَرَحَّمَ على المُحَلِّقِينَ ثَلاثًا، وعلى المُقَصِّرِينَ مَرَّةً، ولو لم يَكُنْ مِن المَناسِكِ، لَما دَخَلَه التَّفْضِيلُ، كالمُباحَاتِ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابَه فَعَلُوه في جَمِيع حَجِّهِم وعُمَرِهم، لم يُخِلُّوا به، ولو لم يَكُنْ نُسُكًا لَما دَاوَمُوا عليه، بل لم يَفْعَلُوه إلَّا نادِرًا؛ لأنَّه لم يَكُنْ مِن عادَتِهم فيَفْعَلُوه عادَةً، ولا فيه فَضْل فيَفْعَلُوه لفَضْلِه. فأمَّا أمْرُه بالحِلِّ، فإنَّما مَعْنَاه، واللَّه أعْلَمُ، الحِلُّ


(١) تقدم تخريجه في حديث جابر الطويل في ٨/ ٣٦٣.
(٢) تقدم تخريجه في ٨/ ١٥٧.
(٣) سورة الفتح ٢٧.