فصل: وظاهِرُ المَذْهَبِ، أنَّ الكَثِيرَ الَّذي يَنْقُضُ الوُضوءَ، لا حَدَّ له إلَّا أنْ يَكُونَ فاحِشًا. قيلَ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما قَدْرُ الفاحِشِ؟ قال: ما فَحُشَ في قَلْبِك. ورُوي نَحْوُ ذلك عن ابنِ عباسٍ. قال الخَلّالُ: الَّذي اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّوايَةُ عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّ الفاحِشَ ما يَسْتَفْحِشُه كلُّ إنْسانِ في نِفْسِه. لقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لا يَرِيبُكَ»(١). وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنَّما يُعْتَبَرُ ما يَفْحُشُ في نُفُوسِ أوْساطِ الناسِ، لا المُتَبَذِّلِينَ، ولا المُوَسْوسِينَ كما رَجَعْنا في يَسِيرِ اللُّقَطَةِ إلى ما لا تَتْبَعُه نُفُوسُ أوْساطِ الناسِ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه سُئِل عن الكَثِيرِ، فقال: شِبْرٌ في شِبْرٍ. وفي مَوْضِعٍ قال: قَدْرُ الكَفِّ فاحِشٌ. وقال في موضعٍ: إذا كان مِقدارَ ما يَرْفَعُه الإِنْسانُ بأصابِعِه الخَمْسِ من القَيحِ، والصَّدِيدِ، وَالقَىْءِ، فلا بأْسَ به. قيلَ له: فعَشْرُ أصابِعَ. فرآه كَثِيرًا. وقال قَتادَةُ
(١) أخرجه الترمذي، في: باب حدثنا عمرو بن علي، من أبواب القيامة. عارضة الأحوذي ٩/ ٣٢٠، ٣٢١. والنسائي، في: باب الحث على ترك الشبهات، من كتاب الأشربة. المجتبى ٨/ ٢٩٤.