الوَداعِ فعليه الرُّجُوعُ، إن كان قَرِيبًا، وإن أبعدَ فعليه دَمٌ. هذا قولُ عَطاءٍ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ. والقَرِيبُ مَن كان مِن مَكَّةَ دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ، والبَعِيدُ مَسافَةُ القَصْرِ فما زادَ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ الشافعىِّ. وكان عَطاءٌ يَرَى الطائِفَ قَرِيبًا. وقال الثَّوْرِىُّ: حَدُّ ذلك الحَرَمُ، فمَن كان فيه فهو قَرِيبٌ، ومن خرَج منه فهو بَعِيدٌ. ولَنا، أنَّ مَن دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ في حُكْمِ الحاضِرِ، في أنَّه لا يُفْطِرُ ولا يَقْصُرُ، ولذلك عَدَدْناه مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَن لم يُمْكِنْه الرُّجُوعُ لعُذْرٍ، فهو كالبَعِيدِ. ولو لِم يَرْجِعِ القَرِيبُ الذى يُمْكِنُه الرُّجُوعُ، لم يَكُنْ عليه أكْثَرُ مِن دَمٍ. ولا فرْقَ بينَ تَرْكِه عَمْدًا أو خَطَأً، لعُذْرٍ أو غيرِه؛ لأنَّه مِن واجِباتِ الحَجِّ، فاسْتَوَى عَمْدُه وخَطَؤُه، والمَعْذُورُ وغيرُه، كسائِرِ واجِباتِه. فإن رَجَع البَعِيدُ، فطافَ للوَداعِ. فقال القاضى: لا يَسْقُطُ عنه الدَّمُ؛ لأنَّه قد اسْتَقَرَّ عليه ببُلُوغِه مَسافَةَ القَصْرِ، فلم يَسْقُطْ برُجُوعِه، كمَن تَجاوَزَ المِيقاتَ غيرَ مُحْرِمٍ، فأحْرَمَ دُونَه ثم رَجع إليه. وإن رَجَع القَرِيبُ فطافَ، فلا دَمَ عليه، سَواءٌ كان مِمَّن له عُذْرٌ يُسْقِطُ عنه الرُّجُوعَ، أو لَا؛ لأنَّ الدَّمَ لم يَسْتَقِرَّ عليه؛ لكَوْنِه في حُكْمِ