فصل: والحائِضُ والنُّفَساءُ لا وَداعَ عليهما، ولا فِدْيَةَ كذلك. هذا قولُ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. وقد رُوِى عن عُمَرَ، وابنِه، رَضِىَ اللَّه عنهما، أنَّهما أمَرا الحائِضَ بالمُقامِ لطَوافِ الوَداعِ، وكان زيدُ بنُ ثابتٍ يقولُ به، ثم رَجَع عنه. فرَوَى مسلمٌ (١) أنَّ زَيْدَ بنَ ثابِتٍ خالَفَ ابنَ عباسٍ في هذا. قال طاوُسٌ: كُنْتُ مع ابنِ عباسٍ، إذْ قال زَيدُ بنُ ثابِتٍ: تُفْتِى أن لا تَصْدُرَ الحائِضُ حتى يكونَ آخِرُ عَهْدِها بالبَيْتِ. فقال له ابنُ عباسٍ: إمَّا لا، تَسْألُ فُلانَةَ الأنْصَارِيَّةَ، هل أمَرَها بهذا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: فرَجَعَ زَيْدُ بنُ ثابِتٍ إلى ابنِ عباسٍ يَضْحَكُ، وهو يقولُ: ما أرَاكَ إلَّا قد صَدَقْتَ. ورُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ أنَّه رَجَع إلى قولِ الجَماعَةِ أيضًا. وقد ثَبَت التَّخْفِيفُ عن الحائِضِ بحديثِ صَفِيَّةَ حينَ قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّها حائِضٌ. فقال:«أحَابِسَتُنَا هِى؟» قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّها قد أفاضَتْ
(١) أخرجه مسلم، في: باب وجوب طواف الوداع. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٦٣، ٩٦٤.